سلام الله من سبب هذا القول ) (١).
وحاصله أن الأوّل بحسب الظاهر ، والثاني بحسب الباطن ، وهو حسن ، ولعلّ الوجه في تخصيص البعوضة بمثل عليّ عليهالسلام : والذبابة بمثل الرسول صلىاللهعليهوآله : أن الرسالة من ظاهر الوجود ، فلها حكم الظاهر ، والذباب لا يظهر إلّا في النهار ، والولاية غيب غيب الرسالة ، والبعوض لا يظهر إلّا في الليل.
فالرسالة في ظاهر الوجود نهار ، والولاية ليلها ، ومنه يلوح وجه في إنزال القرآن على قلب محمَّد صلىاللهعليهوآله : جملة وفي ليلة القدر ليلاً لا نهاراً ، فإنّ القدر من السرّ.
وأيضاً البعوض يشتقّ منه البعض ، وعليّ عليهالسلام : كالرأس من جسد الرسول صلىاللهعليهوآله : وهو نفسه ، فناسبه لفظ البعوض ؛ لأنه بعضه.
وأيضاً البعوض أغذاؤه من صفو الباطن وخلاصة الأغذية وهو الدم الذي هو مركّب الروح ، والولاية لا يصعد إليها إلّا ما خلص لله وصفا سرّه. والذباب أمّا من الذبّ والحماية والدفع ، يقال : رجل ذبّاب كشدّاد ـ : دفّاع عن الحريم (٢). أو يراد به النحل ، فإنّه يُسمّى ذباباً أيضاً. أو من ذباب السيف وهو حدّه. أو من ذباب العين : إنسانها. أو من رجل أذبّ : طويل. أو من حماية الجوار والأهل عن الأذى. أو من الذبذبة اللسان. أو من الذبابة كثمامة ـ : البقية من الدين (٣). والرسالة تناسبها هذه الاشتقاقات ، فالرسول صلىاللهعليهوآله : ذابّ ومحامٍ ودفّاع عن الشريعة ، وهو النحل المنتحل لما فيه شفاء للناس ، وحدّ لسيف الله القاطع للشرك ، وإنسان عين الرحمة ، وذو الطول على جميع الخلق ، وهو لسان الله تعالى المعبّر عنه بالصدق في كلّ مقام ، وهو بقيّة الله. فظهر وجه مناسبة المثلين.
ثمّ الوجه في إنكاره صلىاللهعليهوآله على من قال : ( ما شاء الله وشاء محمّد : ، وما شاء الله وشاء عليّ ) أن المتكلّم بذلك يعتقد أن لمحمّد صلىاللهعليهوآله : علي عليهالسلام : مشيئةً مستقلّة تقارن
__________________
(١) بحار الأنوار ٢٤ : ٣٩٣.
(٢) لسان العرب ٥ : ١٩ ذبب.
(٣) القاموس المحيط ١ : ٢٠٢ ذبّ.