فما وجه الجمع؟
قلت وبالله المستعان ـ : نفي الاحتمال عن الثلاثة لعلّه نفي لاحتمال أمرهم الخاصّ بهم ، فحديثهم الخاص بهم وهو تكليفهم الذي لم يكلّف به أحد سواهم ، والذي احتمله الثلاثة الأصناف هو ما أُمروا بتكليفهم به وتحميلهم إيّاه.
يدلّ على ذلك ما رواه في ( البحار ) من كتاب السيد حسن بن كبش : بإسناده عن أبي بصير : قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « يا أبا محمّد : ، إنّ عندنا سرّاً من الله ، وعلماً من علم الله لا يحتمله ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. والله ما كلّف الله أحداً بحمل ذلك غيرنا ، ولا استعبد بذلك أحداً غيرنا ، وإنّ عندنا سرّاً من سرّ الله وعلماً من علم الله ، أمرنا الله بتبليغه فبلّغنا عن الله عزوجل ما أمرنا بتبليغه ، ما نجد له موضعاً ولا أهلاً ولا حملةً يحملونه ، حتّى خلق الله لذلك أقواماً خلقوا من طينة خلق منها محمَّد صلىاللهعليهوآله : وذرّيّته ، ومن نور خلق الله منه محمَّداً صلىاللهعليهوآله : وذرّيّته ، وصبغهم بفضل صبغ رحمته التي صبغ منها محمَّداً صلىاللهعليهوآله : فبلّغناهم عن الله عزوجل ما أُمرنا بتبليغه فقبلوه ، واحتملوا ذلك ، وبلغهم ذلك عنّا فقبلوه واحتملوه ، وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا ، فلولا أنّهم خلقوا من هذا لما كانوا كذلك ، ولا والله ما احتملوه » (١) الخبر.
فقد صرّح الحديث بالفرق بين السرّين والأمرين ، وجمع بين الخبرين.
ووجه آخر هو أن يراد بقولهم : « لا يحتمله ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان حتّى يلقيه إلى غيره » : ما (٢) رواه الشيخ حسن بن سليمان : عن ابن بابويه : بسنده إلى بعض أجلّاء المدائن قال : كتبت إلى أبي محمَّد عليهالسلام : روي لنا عن آبائك عليهمالسلام أن حديثكم صعب مستصعب لا يحتمله ملك مقرّب ، ولا نبيّ مرسل ، ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان.
قال : فجاءه الجواب : « إنّ معناه أنّ الملك لا يحتمله في جوفه حتّى يخرجه إلى ملك آخر
__________________
(١) بحار الأنوار ٢٥ : ٣٨٥ ـ ٣٨٦ / ٤٤.
(٢) في المخطوط : كما.