مثله ، ولا يحتمله نبيّ حتّى يخرجه إلى نبيّ مثله ، ولا يحتمله مؤمن حتّى يخرجه إلى مؤمن مثله »(١).
ومن البيّن أن الملك غير المقرّب إنّما يأتيه العلم بواسطة المقرّب ، والنبيّ غير المرسل إنّما يأتيه العلم بواسطة المرسل ، والمؤمن غير الممتحن إنّما يأتيه العلم بواسطة الممتحن.
وهذا معلوم من سير حال الملوك ؛ إذ لا يقدر على رتبة الاجتهاد والنيابة العامّة عن المعصوم إلّا الأفراد بعد الأفراد في عامّة الأصقاع والأزمان ، وهم الوسائط إلى كافّة المقلّدين وسبيلهم إلى الإمام ، وهم القرى الظاهرة التي قدّر الله فيها السير لكافّة المقلّدين إلى القرى المباركة ، وهم الوسائط إليهم ذوو القلوب المجتمعة ، وهم المدن الحصينة كما هو معلوم ، ذلك كلّه من أخبار أهل البيت عليهمالسلام (٢) :
فمعناه أنه لا يطيق حمله حتّى يلقيه لما فيه من صعوبة احتمال الأسرار وسترها عن الأغيار الأشرار ، وبإلقائه يخفّ عليه احتماله ؛ لما في إلقائه من الراحة كما هو محسوس كلّ بقدر رتبته.
أو أنه لا يكمل احتماله له حتّى يلقيه إلى أهله ، كما قالوا : « فصُنْهُ إلّا عن أهله »(٣).
وكما أخذ الله على الجهّال أن يتعلّموا أخذ على العلماء أن يعلّموا من هو أهل (٤). وبتعليمهم يكمل احتمالهم ، وإلّا فلو كتموه عن أهله لم يكونوا محتملين.
فالفرق بين الوجهين أن الأوّل أذن لهم في الإلقاء تخفيفاً ، والثاني أمر بالإلقاء تكليفاً. وكلاهما رحمة بالملقى إليه ولطف ، وتسهيل عليه ونعمة.
فإن قلت : بقي إشكال ، وهو أن ظاهر قولهم عليهمالسلام : « لا يحتمله إلّا ملك مقرب ، أو نبيّ مرسل ، أو مؤمن ممتحن » يدلّ على فضل المؤمن على النبيّ غير المرسل.
قلت : الجواب من وجوه :
__________________
(١) مختصر بصائر الدرجات : ١٢٧.
(٢) انظر مختصر بصائر الدرجات : ١٢٧ ـ ١٢٨.
(٣) الكافي ٢ : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ / ٥ ، وفيه : « إنه ليس من احتمال أمرنا التصديق له والقبول فقط من احتمال أمرنا ستره وصيانته من غير أهله ».
(٤) انظر الكافي ١ : ٤١ / ١.