ومنه بسنده عن جابر : عن أبي جعفر عليه سلام الله ـ : أنه قال : « إنّ الله خلق الأنبياء والأئمّة على خمسة أرواح : روح الإيمان ، وروح الحياة ، وروح القوة ، وروح الشهوة ، وروح القدس : فروح القدس : من الله وسائر هذه الأرواح يصيبها الحدثان ، فروح القدس : لا يلهو ولا يتغيّر ولا يلعب ، وبروح القدس : علموا ما دون العرش إلى ما تحت الثرى » (١).
قلت : قد تبيّن من هذه المضامين وهي مستفيضة أن روح القدس : تطلق على جبرئيل عليهالسلام (٢) : ؛ لأنه من صقع القدس.
وعلى النفس المطمئنّة بالإيمان التي هي عقل بالفعل أو مستفاد ، وهي التي مددها من نور العقل الفعّال ، والقلم الأعلى يمدّها من نور ما كتب في اللوح المحفوظ بقسطها ممّا كتب فيه. وهذه هي وجود المؤمن الفائض عليه من الله سبحانه وتعالى ، وهي نور الله الذي ينظر به المؤمن المتفرّس (٣) ، وهي النفس التي من عرفها عرف ربّه (٤) ، وهي الكلّيّة الإلهيّة ، فهي لاهوتيّة مطمئنّة راجعة إلى ربّها ، ومدبّرها ، راضية مسلّمة لما أدركته من اليقين.
وعلى القدسيّة المقدّسة المنزّهة عن جميع النقائص البشرية ، وهي رتبة الحكمة الإلهيّة والعصمة الذاتيّة الفائضة من لدن حكيم عليم ، أيّد بها الأنبياء والخلفاء أجمعين.
وعلى الأمريّة الحقيقيّة التي هي روح جميع الأرواح وأصلها وعلّتها وسبيلها ووسيلتها إلى الله سبحانه وتعالى عمّا يصفون. فجميع الأرواح قبس منها ولمعة من لمعاتها وشعاع من نورها ، وهي المختصّة بمحمّد : وخلفائه صلّى الله عليه وعليهم أجمعين وسلم فـ « ليس كلّ ما طُلب وجد » (٥) ؛ لاختصاصه بهم ؛ فإنه كمال حروف
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٤٥٤ / ١٢ ، بحار الأنوار ٢٥ : ٥٨ / ٢٦.
(٢) كنز الدقائق ١ : ٢٩٤.
(٣) انظر : الكافي ١ : ٢١٨ / ٣.
(٤) مصباح الشريعة : ١٣.
(٥) انظر : بصائر الدرجات : ٤٦٠ ـ ٤٦١ / ١ ، مختصر بصائر الدرجات : ٣ ، بحار الأنوار ٢٥ : ٦٧ / ٤٧.