ويعضده إطلاق [ أكثر (١) ] الفتاوى بوجوب القيام ، بل في بعضها ركنيّته ، ولا ينافي ما قلناه تصريح جماعة بأن القيام في مندوب قيام الركعة مندوب ؛ لأنّ معناه أن القيام في القنوت مندوب ، أي يجوز تركه مع القنوت لا إلى بدل ، لا أنه يجوز القنوت في الفريضة جالساً اختياراً.
بل يمكن أن يقال : لو قيل بجواز الجلوس في القنوت مثلاً اختياراً لزم أن يكون القيام واجباً تخييريّاً بينه وبين الجلوس ، بل وبين [ الاضطجاع (٢) ] ؛ لأنه حينئذٍ لا يجوز تركه أصلاً مع تحقّق القنوت ، ومعه لا يجوز تركه إلّا إلى بدل. وهذه خاصّة [ الواجب (٣) ].
والظاهر بطلان هذا كلّه ؛ لعدم الدليل على شيء منه. وفي مداومة الرسول صلىاللهعليهوآله وخلفائه الهداة على فعل مستحبّات قيام الركعة من قيام ، وقوله صلىاللهعليهوآله : « صلّوا كَمَا رأيتموني أُصلّي » (٤) ، وفعلهم لها كذلك في مقام البيان دليل على ما حقّقناه.
وأيضاً الأصل في فعلهم في الصلاة إلّا تجوز مخالفته إلّا بدليل.
وممّا يؤيّده أيضاً ما رواه عاصم بن حميد في أصله المشهور عن عمرو بن أبي نصر : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : المؤذّن يؤذّن وهو على غير وضوء؟ قال : « نعم ، ولا يقيم إلّا وهو على وضوء ». قلت : يؤذّن وهو جالس؟ قال : « نعم ، ولا يقيم إلّا وهو قائم » (٥).
وقد صرّح الشيخ محمّد ابن الشيخ أحمد الدرازيّ بصحّة هذا الخبر.
وما رواه البزنطيّ عن أبي الحسن عليهالسلام قال : « يؤذّن الرجل وهو جالس ولا يقيم إلّا وهو قائم ، وتؤذّن وأنت راكب ولا تقيم إلّا وأنت على الأرض » (٦).
وما رواه سليمان بن صالح عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « لا يقم أحدكم الصلاة وهو ماشٍ ،
__________________
(١) في المخطوط : ( البرء ).
(٢) في المخطوط : ( الإضجاع ).
(٣) في المخطوط : ( الواجب ).
(٤) عوالي اللآلي ١ : ١٩٨ / ٨ ، صحيح البخاري ١ : ٢٢٦ / ٦٠٥.
(٥) عنه في بحار الأنوار ٨١ : ١١٩ / ١٨.
(٦) الكافي ٣ : ٣٠٥ / ١٦ ، وسائل الشيعة ٥ : ٤٠٢ ، أبواب الأذان ، ب ١٣ ، ذيل ح ٦.