مفهوم عامّ بحسب ملاحظة العقل تحليل الأشخاص إلى مشخّصاتها وأنواعها وأجناسها حتى تنتهي إلى الهيولى الكلّيّة ، التي توجد فيها الشخصيّات بالإمكان المحض والقابليّة المحضة.
وهذه بمثابة مفهوم الوجود العامّ لكلّ موجد ، مع أن الوجودات الجزئيّة متباينة متفاضلة فيه إذا لاحظ العقل أقساطها منه لقبوله الشدّة والضعف في كماله وفعليّته وشرفه ، وهو ينبوع صحّة التفضيل وإن اختصّ كلّ برتبة ، لا أن معنى التفضيل أن زيداً يشارك عمراً في حقيقة عالميّته وقادريّته ورتبتهما في أنفسهما وقسطهما بحسب قابليّتهما من الرحمة العامة والخاصّة ، لثبوت التمايز بينهما ، بل التباين بوجه وعدم الاشتراك ، بل على معنى أن المفهوم من العالميّة [ أن ] قسط زيد منها أشرف وأكمل وأشدّ فعليةً من قسط عمرو منها. فصحّ التفضيل وصحّ عدم المشاركة.
فمحمّد صلىاللهعليهوآله : أشرف الخلق في كلّ كمال وإن لم يشاركه أحد في وصفه وشرفه لاختصاصه صلىاللهعليهوآله بتلك الرتبة التي لا يدانيه فيها أحد من الخلق. هذا كلّه باعتبار نسبة الممكنات بعضها إلى بعضٍ.
أما بالنسبة إلى صفات الباري جلّ اسمه فعدم المشاركة أظهر ، كما دلّت عليه براهين التوحيد من أنه الواحد الأحد ليس كمثله شيء ، ذاتاً وصفةً ، وإنّما الاشتراك في مجرّد الحروف المعبّر بها على عالم وقادر مثلاً ، لتضيّق ساحة الحروف والعبارات واضطرار الخلق إلى وصف بارئهم بصفات الكمال ، وأن يدعوه بأسمائه الحسنى ، ولم يجدوا عبارة عن ذلك إلّا ما عبّروا به عن أمثالهم ، وليفرّقوا بين الكمال والجلال اختياراً ، ويتمكّن بعضهم من تعليم بعضٍ ، و ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلّا وُسْعَها ).
فأذن لهم برحمته أن يعبّروا عن أسمائه وصفاته بالحروف التي علّمهم إيّاها وعبّروا بها عن أسمائهم ، فقد جمع الاسم واختلف المعنى ، فمعنى الله أعلم وأقدر : أن علمه وقدرته فوق الكمال بما لا يتناهى ولا يدرك ، بل فات هواجس العقول ، بحيث علمت العقول أنه لا يشبهه شيء ، وعلى هذا فقس.