الوجه الثاني : جريان التفضيل بما سبق ، لكن باعتبار اسمه الأعظم الذي هو غير ذاته ، وهو الجامع لباقي الأسماء والصفات ، فجرى التفضيل في سائر الأسماء والصفات من ذلك الاسم المكنون المخزون ، الذي استأثر الله به في علم الغيب عنده ، فلا يعلمه إلّا هو في مقام أنه هو ، وهو في ذاته ليس هو ، وهو الوجود المطلق. فصحّ التفضيل باعتبار هذا المقام ، لا باعتبار الذات المقدّسة عن إطلاق الصفات.
فالتفضيل على نحو ما سبق من معنى أفضلية محمَّد صلىاللهعليهوآله : على جميع من خلق الله دونه.
فعلى هذا إذا قلت : الله أحسن الخالقين مثلاً ، كأنّك قلت : اسمه الأعظم المشار إليه أحسن الخالقين ؛ لأنه لا يعرف الله إلّا بسبيل معرفته. أمّا الذات المقدّسة عمّا يصف الواصفون ، فلا توصف بحال ولا تضرب لها الأمثال ، حتّى يجري إطلاق التفضيل هناك ؛ لأنه فرع الوصف بما له مفهوم في الجملة. فسبحان ربّك ربّ العزّة عمّا يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله ربّ العالمين.