فيعود تدبير الأب وتربيته كما كان أوّلاً.
ومن أجل ذلك لم يكن للحاكم ولاية على الصغير ولا على من اتّصل قصوره ببلوغه ، واستمرّ مع وجود الأب والجدّ له ، وإن كانا فاسقين ، ما لم يكونا سفيهين ، فإنّ الحاكم حينئذٍ وليّ عليهما فيما تحت سلطنتهما ، فلا يثبت لهما حينئذٍ ولاية على شيء في أنفسهما ولا في غيرهما.
وأيضاً أنت إذا تأمّلت جميع موارد ما تسقط به ولايتهما ، وجدتها تعود بعد زوال المانع بلا خلاف يظهر فيما سوى المسألة المبحوث عنها ، كما لو منع من ولايتهما جنون أو إغماء طويل أو سفه أو كفر أو رِقّ لهما أو للولد أو إحرام منهما أو من الولد في التزويج. وما ذاك كلّه إلّا لأنّ ولايتهما ذاتيّة هي من لزوم الأُبوّة الذاتيّة.
والفرق بين هذه الموارد كلّها وبين المبحوث عنها غير معقول ، ولا دليل عليه. فما قيل من أن ولايتهما في المبحوث عنها عُدمت بالبلوغ والرشد ، وفيما سواها لم تُعدم ، وإنّما حال بينها وبين الظهور حجاب غير معقول ، لا دليل عليه ، بل حجاب البلوغ والرشد من المولى عليه أرقّ وأصفى من حجاب ذهاب عقل الوليّ ؛ لبقاء متعلّق تدبيره وتكليفه كما يشهد له قول جماعة ببقاء ولايته في النكاح مستقلا (١) أو مشتركاً بينها وبينه (٢). ويؤنس به الإجماع على رجحان عدم خروجها عن رأيه وما يختاره ، كما تشهد به الأخبار المتكثرة (٣).
وبالجملة ، فلا دليل على الفرق بين تلك الموارد ، بل ينبوعها واحد ، فالفرق تحكم.
فإن قلت : دليل الفرق أنه لا خلاف يظهر في عودها بعد زوال المسقط المانع في ما عدا محلّ النزاع.
قلت : إذا تمّ الإجماع في غير محلّ النزاع ، فهو مؤيّد للقول بعودها في محلّ
__________________
(١) الفقيه ٣ : ٢٥٠ / ٢٥١ / ذيل الحديث : ١١٩٣ ، النهاية ( الطوسيّ ) : ٤٦٤ ـ ٤٦٥.
(٢) الكافي في الفقه : ٢٩٢.
(٣) انظر وسائل الشيعة ٢٠ : ٢٨٤ ـ ٢٨٦ ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ب ٩.