الواقع كذلك ، لكنه بطريق قوله تعالى : ( وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ) (١).
والحاصل أن القول بأنّ ولاية الأب والجدّ له لا تعود بعد زوال الجنون الطارئ بعد البلوغ والرشد يفوح منه ترجيح المرجوح ، وأن البلوغ والرشد رافع لما في الذات في طباع الأُبوّة والبنوّة ، بل ولتحقّقها في الخارج ومزيل للتضايف الذاتيّ بينهما ، وموجب لمباينة كلّ منهما للآخر ومزايلتهما ، والكلّ محال.
وممّن اختار عدم العود الشهيد : واحتجّ عليه في مسالكه (٢) بعدم الدليل على عودها ، مع أنه رحمهالله استدلّ للقول بعودها بإطلاق النصّ بولايتهما.
ونحن نقول : تلك الإطلاقات كافية في الدلالة على تحقّق ولايتهما حال الجنون الطارئ بعد البلوغ والرشد ، لعدم انحصار الدلالة في الخاصّ بإجماع أهل البيت وأتباعهم بل العلماء. ولا معارض لتلك الإطلاقات والعمومات المؤيّدة بالاعتبار ، فلا معدل عنها ، كعموم قول أبي عبد الله عليهالسلام : في خبر إبراهيم بن ميمون : « الجارية بين أبويها ليس لها مع أبويها أمر » (٣).
ولعلّه أراد : الأب والجدّ له ؛ إذ لا أمر للُامّ إجماعاً ، وعموم قول أحدهما عليهماالسلام في خبر محمّد بن مسلم : « لا تستأمر الجارية إذا كانت بين أبويها ، ليس لها مع الأب أمر » (٤).
وأمثالهما ممّا يطول نقله ؛ لشمولها محلّ النزاع قطعاً. ولا فرق في ذلك كلّه بين الجنون والسفه لو عرض بعد البلوغ والرشد ثمّ زال ؛ لجريان الأدلّة فيه أيضاً ، ولأنه ضرب من الجنون ، حتّى على القول بتوقّف الحجر على السفيه ، ورفعه عنه على حكم الحاكم ؛ إذ لا ملازمة بوجه بين كون وصفيّة الحجر للحاكم وولايته لأبيه
__________________
(١) الرعد : ١٥.
(٢) مسالك الأفهام ٧ : ١٤٤.
(٣) تهذيب الأحكام ٧ : ٣٨٠ / ١٥٣٦ ، الإستبصار ٣ : ٢٣٥ / ٨٤٨ ، وسائل الشيعة ٢٠ ، ٢٨٤ ، أبواب عقد النكاح ، وأولياء العقد ، ب ٩ ، ح ٣.
(٤) الكافي ٥ : ٣٩٣ / ٢ ، وسائل الشيعة ٢٠ : ٢٧٣ ، أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ، ب ٤ ، ح ٢.