بصحّتها. فبها يثبت أصلها ، ويظهر بالفعل للمكلّف ، وتسلّم بها الفرائض ؛ لأنّها حماها ، وهي النوافل والسنن ؛ ولذا ورد أن النوافل متمّمات للفرائض فما نقص منها أُكمل بالنوافل (١).
ومعناه أن العامل إذا لم يأتِ بالفريضة على أكمل أحوالها التي أمر بها الشارع لم يبرز نورها في نفس العامل كمال البروز ؛ فإذا كان ذلك منه على وجه لا يوجب فساد الفريضة وإنّما ينقص فعليّة نوريّتها في نفس العامل وأتى بالنوافل ، أكمل اللهُ له برحمته وكرمه نوريّة الفريضة بنوريّة النافلة ، وأتمّه له ، فأدرك ثواب الفريضة الكاملة بفعل النافلة ، لا أن الفريضة في نفسها تتحقّق في الخارج ناقصة الذات ، والنافلة تكمل ذاتها ؛ لأنه يلزم من هذا كون النافلة حينئذٍ جزء ذات الفريضة ، وهذا خلف محال ؛ لأنّ عنوان الفرض والنفل ذاتيّ لهما ، وما بالذات لا يزول ، ولا تنقلب الحقائق.
إذا عرفت هذا فاعلم أنه عليه سلام الله أشار بالقيد إلى أن الأصل في الطاعة الفريضة ، وأن النافلة تبع لها ، فإذا لم يقبل الأصل لم يقبل الفرع ؛ فنفي الأصل نفي الفرع بطريق أولى. والإطلاق لا يدلّ على هذا كمال الدلالة.
وأيضاً لو أطلق الطاعة عليهالسلام لكان ربّما يتطرّق إلى بعض الأوهام احتمال أن الولاية شرط في قبول النفل دون الفرض ، فيكون الفرض تكليفاً ذاتيّاً لا يتوقّف على شيء خارج ، بخلاف النفل ، فإنّ الوهم لا يعلم أن جميع الفرائض صفات ذاتيّة للولاية الكبرى التي هي الوجود المطلق.
فجميع فرائض الرسالة تفاصيل لَها وجزئيّات منها وفروع عليها باختلاف المقامات.
فلما عبّر عليهالسلام بالقيد عُلم أن الولاية شرطٌ لقبول النفل أيضاً ؛ لأنه فرع الفرض وفاضل نوره ، وهي شرط في قبول الأصل بالذات ، وهي شرط في قبول الفرع
__________________
(١) وسائل الشيعة ٤ : ٧١ ـ ٧٤ ، أبواب أعداد الفرائض ، ب ١٧ ، ح ٢ ، ٣ ، ٤ ، ٨ ، ١٢.