تحمّله ثقل ، وكلّ ثقيل الوزن عظيم القدر ثقل. وكلّ واحد من هذه المعاني يناسب الحديث الشريف بوجه. بل قيل به في معناه.
وبالجملة ، لما كان الكتاب والعترة أعظم خزانة خزنت في السماوات والأرض لأنهما غاية الموجودات ، ولِما اشتملا عليه من خزائن أسرار الله ، وعلم الأوّل والآخر ، والظاهر والباطن ، والغيب والشهادة والمبدأ والمعاد كان أعظم الخلق وأكبره شأناً ، وأنفس نفائس الخلق وأكبره خطراً ، وأصون مصون في الخلق ، وأغمض شيء فيه.
وقد اصين سرّهما وعلانيتهما عن جميع نقائص الخلق ، وعن أن يدرك حقيقتهما إلّا الله ورسوله ، وشقّ على الخلق تحمّل أسرارهما ، بل امتنع تحمّل جميع أسرارهما وتكاليفهما على من دون العترة ، وثقلا في ميزان الحقّ عملاً وصفة ؛ فإنّهما أخلص شيء لله ، وأثقله في ميزان العدل.
فلمّا جمعا تلك الفواضل والأسرار والفضائل سمّي كلّ منهما ثقلاً بكلّ معنى من تلك المعاني ، على أنه متى كان أحدهما ثقلاً كان الآخر ثقلاً ، لتلازمهما وعدم إمكان افتراقهما عقلاً ونقلاً.
الثاني : كيف يكون الكتاب هو الثقل الأكبر والعترة هم الثقل الأصغر مع أن الإمام خازن الكتاب ومترجمه والسفر به من الحقّ إلى الخلق؟
والجواب من وجوه :
أحدها : أن الكتاب من حيث هو مضاف لله عزّ اسمه أكبر ثقلاً من العترة : من حيث هي مضافة لرسوله ، فالإضافة للمعبود أكبر من الإضافة للعابد. وهذه نكتة لفظيّة بيانيّة وإن كانت لا تخلو من مناسبة حكميّة إذا اصعدت ولوحظت بالنظر الدقيق ، وسقيت شجرتها بماء الحكمة.
الثاني : أنه لمّا كان كلّ واحد من العترة هو كتاب الله الناطق ، والقرآن هو كتاب الله الصامت ، والكتاب الصامت عربيّ عجزت البلغاء عن فصاحة ألفاظه ودرك بلاغة