ومن حيث إنه في مقام التفرقة مادّة علومهم ، وحجّتهم على الخلق ، ومرجعهم في الأحكام من الأُصول والفروع إليه ، هو أثقل وأكبر في النفوس ؛ لأنه حينئذٍ كتاب الله وكلامه.
وقد وقفت في هذا الحديث على كلام للشيخ الرئيس الشيخ أحمد بن زين الدين : منقولاً من ( شرح الجامعة الكبرى ) ، وصورة المنقول منه بخطّ بعض السادة [ الثقات (١) ] ، هكذا : ( قوله صلىاللهعليهوآله : « الثقلين : الأصغر والأكبر ».
فنقول : المعنى : عقلهم ، واللفظ : قرآنهم ، فعقلهم قرآن ، وقرآنهم عَقل ، فلمّا تنزّل إلى عالم الشهادة كان الإمام شريك القرآن. فإن قسّمت هذه الحجّة الظاهرة إلى عقل وجسم كان العقل الذي هو القرآن الثقل الأكبر ، والجسم الحامل للقرآن الثقل الأصغر. فالعقل أكبر من الجسم وأفضل ، والعاقل أكبر من العقل وأفضل. ومن حيث إن القرآن قسيم عقلهم ، وإن جميع علومهم مستندة إليه ، فمن حيث ذلك حَسُنَ أن يقال : هو الثقل الأكبر ، مع أنه بالنسبة إلى أجسامهم عند الانقسام كذلك ، ومن حيث إنّهم الكتاب الناطق والعاقلون فهم مجموع القسمين أكبر وأفضل ، مع أن الحقيقة الجامعة للكلّ حقيقتهم ، وأن العقل والقرآن نور تلك الحقيقة وصفتها ، فهم أكبر وأفضل.
ولكن لمّا كان ما أخبروا به من العلوم وما أضمروه مستنداً إلى القرآن وإلى الوحي ، صحّ كون نسبته إليهم ثناءً عليهم وفخراً لهم. ولا منافاة ؛ فإنّ الشخص جميع ما عنده من العلوم ينسب إلى عقله ) (٢) ، انتهى صورة (٣) ما رأيته منقولاً منه ، وظنّي أن كلامي لا يخرج عنه.
الرابع : ورد أن القرآن خُلُق محمَّد صلىاللهعليهوآله : ؛ فمن حيث هو خُلُق محمَّد صلىاللهعليهوآله : وصفة عقله هو أكبر من العترة : باعتبار موضوعه ؛ لأنّ موضوعه حينئذٍ أكبر ثقلاً من
__________________
(١) في المخطوط : ( الثقات ).
(٢) شرح الزيارة الجامعة الكبيرة ٣ : ٣٣٠ ـ ٣٣٢.
(٣) في المخطوط : ( الصورة ).