المسلك الثاني : أن نختار الشقّ الثاني ، ويقال : إن مقادير العقوبات ليس إلّا بتقدير الشارع ، مثلاً الشارع قرّر على ترك الصلاة عقاب ألف سنة ، وقال لعبده : لا تتركها ، وإلّا اعاقبك كذا وكذا سنّة فيجد العقل حسن العقاب في تلك المدّة على تركها ، لأمره بها وتحذيره عن تركها ، وإعلامه كون ذلك العقاب بإزاء تركها ، فكذا هنا قرّر الشارع لهؤلاء الأشقياء على قبائح أعمالهم عقاباً في نفسه ، وعقاباً متوقّفاً على لعن من يلعنهم ، فهم يستحقّون كلّ عقاب [ يترتّب (١) ] على كلّ لعن.
المسلك الثالث : أن يقال : إن الله تعالى لا يعاقبهم على قدر استحقاقهم ، فكلّما لعنهم لاعن زيد بسببه في عقابهم لا يزيد على ما يستحقّونه من العقابات.
المسلك الرابع : أن يقال : إن لإعمال هؤلاء قبحاً في نفسه ، من حيث مخالفة أمر الله تعالى ، وقبحاً آخر من جهة الظلم على غيرهم ، ومنع الفوائد الّتي كانت تترتّب على اقتدار المعصوم واستيلائه ، وظهوره من المنافع الدنيويّة والأُخرويّة ، والهدايات ، ورفع الظلم ، وكشف الحيرة والجهالات. ولا يوجد أحد لم يصل إليه من ثمرة هذه الشجرة الملعونة شيء ، بل في كلّ آن يصل إليهم من آثار ظلمهم شيء ، كما ورد في الأخبار الكثيرة أنه ما زال حجر عن حجر ولا أُريقت محجمة دم إلّا وهو في أعناقهما (٢).
فكلّ الشيعة مظلومون ، طالبو حقوق ، وكلّ لعن طلب حقّ واستعداء عن ظلم فيزيد عقابهم على قدر لعن من يلعنهم. اللهم العن كلّ من ظلم نبيّك وأهل بيته صلوات الله عليهم وغصب حقوقهم لعناً وبيلاً ، وعذّبهم عذاباً أليماً ) ، انتهى كلام المجلسي.
وأقول :
أمّا الأوّل ، ففيه أن حقيقة الدعاء تكون ملغاة لا تحقّق لها في الخارج ، وإظهارُ
__________________
(١) في المخطوط : ( يترب ).
(٢) الكافي ٨ : ٨٨ ـ ٨٩ / ٧٥ ، بحار الأنوار ٤٦ : ٣٤١ / ٣٢ ، وقريب منه في الجزء ٨٢ : ٢٦٤.