وهو لا يتبعّض ؛ لقوله تعالى : ( إِلّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ) (١) ، والتفصيل قاطع فلا يكون الملفّق منهما سبباً للإباحة. وهذه المنفصلة وإن احتملت أن تكون حقيقة ومانعة خلوّ إلّا إن هذا يوجب الشكّ في الإباحة ، فيرجع إلى أصل المنع.
وفيه نظر ؛ إذ مآل ذلك إلى أصالة المنع ، وعدم دلالة الآية على جواز التبعيض ، لا على دلالتها على عدمه ، فتأمل.
وتعبيرنا بال ـ ( حقيقة ) أولى من تعبير الشهيد الثاني : بـ ( مانعة الجمع ) فإنها ظاهرة في مانعته خاصّة ، وليس بمراد. وفي ( شرح الشرائع ) (٢) : ( إن المعلوم من الآية إرادة منع الخلو والجمع معاً ؛ لأن المنفصلة وإن احتملت الأمرين ألّا إن هذا المعنى متيقّن ، ومنع الخلوّ خاصّة غير متيقّن ، والأصل تحريم الفروج بغير سبب محلّل ) (٣).
وورود الاعتراض عليه لا يخفى.
احتجّ الآخرون برواية محمّد بن مسلم : عن الباقر عليهالسلام : في جارية بين رجلين دبّراها جميعاً ثمّ أحلّ أحدهما فرجها لصاحبه قال : « هو له حلال » (٤).
وأجاب الشهيد الثاني عنها في الشرحين (٥) بأنها ضعيفة السند.
وفيه نظر ؛ فإنها مروية في ( الكافي ) (٦) و ( الفقيه ) (٧) و ( التهذيب ) (٨) في باب السراري وملك الأيمان بطريق واضح الصحّة. ثمّ إنهم أجابوا عن حجّة الأوّلين بأن التحليل شعبة من الملك من حيث إنه يملك المنفعة ومن ثمّ لم تخرج عن الحصر
__________________
(١) المؤمنون : ٦.
(٢) مسالك الأفهام ٨ : ٢٩.
(٣) مسالك الأفهام ٨ : ٢٩.
(٤) الكافي ٥ : ٤٨٢ / ٣ ، وسائل الشيعة ٢١ : ١٤٢ ، أبواب نكاح العبيد والإماء ، ب ٤١ ، ح ١.
(٥) مسالك الأفهام ٨ : ٣٠ ، الروضة البهيّة في شرح اللمعة الدمشقيّة ٥ : ٣٢٣.
(٦) الكافي ٥ : ٤٨٢ / ٣.
(٧) الفقيه ٣ : ٢٩٠ / ١٣٨٠.
(٨) تهذيب الأحكام ٨ : ٢٠٣ / ٧١٧.