كتاب ( القواعد ) (١) ، وأنت خبير بما فيه ؛ فإن تحريمها قبل التحليل لعدم تمام السبب ، حيث إن بعضها مملوك له ، وبعضها لغيره ، وتحليل الشريك أوجب تمام السبب لا أنه سبب تامّ في الحلّ كما ظنّه ؛ فإنه ظاهر السقوط. ومن ثمّ لو كانت لشريكين فأحلّها أحدهما لم تحلّ قطعاً ، وكذا لو زوّجها أحدهما وأحلّها الآخر.
فعلم أن حلها في الصورة المذكورة إنّما هو تمام السبب حينئذٍ لا لكونه سبباً تامّاً. وهذا كما أن المعلول معدوم قطعاً قبل الجزء الأخير من العلّة التامة ، ومعه يوجد قطعاً بل تمام العلّة ، ولو تمّ ما ذكره من التقريب لجرى في عدم تركّب العلّة التامّة البتّة ، ولأوجب أن يكون العلّة التامّة هو الجزء الأخير.
والحاصل أن اللازم من ذلك كونها تمام السبب أو العلّة التامّة ، لا أنها سبب تامّ وعلّة تامّة. وبين الأمرين بون ظاهر لا يشتبه على ذي مسكة.
والمدّعى إنّما يتمّ بالأمر الثاني لا الأوّل. ويزيد ما ذكرناه وضوحاً ما ذكره الشهيد : في ( شرح الإرشاد ) : ( إن التحليل مخصوص بالشخص المملوك ) (٢) ضرورةً ؛ لعدم نفوذ التحليل في شقص الغير بالضرورة ، فلا يتوهّم كونه سبباً تامّاً في الحلّ في الصورة المذكورة. وقد ظهر ممّا حرّرناه أن الحقّ ما اختاره الشيخ : وابن إدريس : ؛ لصحّة الرواية وقصور ما ذكروه من الاعتبار في جنبها مع ما فيه من الكلام ، فتأمّل المقام بالتأمّل التام ) (٣) ، إلى هنا كلام ( زهر الرياض ) ، شكر الله سعيه.
وأقول : تأمّلناه بما أنعم الله به علينا من الأفهام ، وتحريرُ المقام فيما قرّره في هذا الكلام أن المشهور استدلّوا على عدم الحِلّ بالقاعدة المجمع عليها بين الفرقة في سائر الأعصار ، وهي أن ( البضع لا يتبعّض ) بمعنى : أنه لا يحلّ إلّا بسبب واحد بسيط فلا يحلّ بسببين أي بمجموعهما حتّى يكون سبب حله مركّباً من أمرين. وقد عرفت أن سببيّة ملك الرقبة يغاير سببية الإباحة ، بحيث لا يمكن اتّحادهما في
__________________
(١) انظر قواعد الأحكام ٢ : ٣١ ( حجري ) ، ولم يذيّل الهامش بما يشير إلى كونه من المصنّف رحمهالله.
(٢) غاية المراد ٣ : ٩٥.
(٣) أزهار الرياض ٦٢ ـ ٦٥ ( مخطوط ).