والفرق بينهما واضح ، فلا يقاس أحدهما على الآخر ، ولا يدلّ عليه بوجه من وجوه الدلالة ، وليس بينهما تلازم. فالقول بعدم حلّها للشريك بتحليل شريكه لا يستلزم عدم حلّها للمالك لجميعها عيناً ومنفعة بغير وجه التحليل. على أن كون تمليك البعض مثل القبلة المحضة أو اللمس أو النظر فقط غير واضح ، مع أنها تباح بالتحليل ؛ للنصوص الصحيحة وإدخاله في الملك أشكل ، وإدخال المستأجرة بجميع منافعها أولى منها. وهو ظاهر ، فلا بدّ من التخصيص.
ولكن لمّا ثبت التحليل ، فلا بدّ من التأويل وإن كان بعيداً ، فيمكن جعله قسماً آخر بنفسه. و [ أمّا ] تخصيص هذه الآية فإنه غير عزيز على ما اشتهر من أنه ما من عام إلّا وقد خصّ ، حتّى هذا فتأمل ). إلى هنا كلام الأردبيلي رحمهالله (١) : وفيه فوائد لا تخفى.
وهو ظاهر في أنه فهم من الآية الكريمة الانفصال الحقيقيّ ، وأن المراد بملك الأيمان : الملك الحقيقيّ للعين والمنافع التابعة له ، وهو الملك المتعارف المتبادر لفهوم جميع المخاطبين ، فيخرج منه المملوكُ جزؤها عيناً المحلّل جزؤها الآخر بالضرورة ، فإنها ليست ملكاً كذلك ولا سُرّيّة بالضرورة ، بل تراه صرّح بخروج المحلّلة كلّها عن المنفصلة مع أنها حلال بالنصّ والإجماع المستفيضين.
وحينئذٍ إما أن نقول بعدم دخول المحلّلة كلّها في المنفصلة وإنّما يثبت كونه سبباً لحلّ الفرج بالنصّ والإجماع ؛ فهما مخصّصان للآية الكريمة ، ونظائره كثيرة في الشرعيات ، وهذا هو الأظهر ، بل الظاهر خروج المتمتّع بها عنها أيضاً وإنّما ثبت حِلّها بالنصّ والإجماع المستفيضين ، وبقوله تعالى : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) (٢).
وكلّ واحد من الثلاثة صالح لتخصيص هذه الآية ، فإن المتبادر إلى الأفهام من لفظ الزوجة إنّما هو الدوام ، فهو الحقيقة ، وهو المتيقّن. والمنقطعة زوجة مجازاً والدليل
__________________
(١) لم تسبق الإشارة منه رحمهالله إلى الأردبيلي.
(٢) النساء : ٢٤.