والثاني : المساواة في العموم ، مثل : ( ليس الإنسان إلّا الناطق ) ، فلا يوجد أحد إلّا مع صاحبه. انتهى.
وقال السيّد الداماد : في حواشيه على كتابه ( الأُفق المبين ) : ( من العجائب أن برعة علماء (١) اللسان لم يسع قسطهم من العلم أن يذهلوا عن إدراك الحمل الأوّل ، وبعض من يدرج نفسه في علماء الحقائق يتكلّف أن يستنكره.
قال إمام فَنّي المعاني والبيان وهما سيّدا علوم اللسان الشيخ البارع الفائق عبد القاهر الجرجانيّ : في كتاب ( دلائل الإعجاز ) قولاً مبسوطاً تلخيصه أن الخبر المعرّف باللام قد يراد به العهد ، كقولك : ( زيد المنطلق ) ، لمن علم أنه كان الانطلاق ولم يعلم أنه ممّن كان.
وقد يراد به حصر مفهومه في المبتدأ على أنه لم يحصل لغيره أصلاً أو على الكمال ، كقولك : ( زيد الشجاع ).
وقد يراد به ظهور اتّصاف المبتدأ كقوله : ( والدك العبد ) ، أي ظاهر اتّصافه بالعبديّة.
وقد يراد به معنًى آخر دقيق يكون المتأمّل عنده كما يقال : ( يعرف [ وينكر (٢) ] ) ، كقولك : ( هو البطل المحامي ) ، فإنك لا تريد به عهداً ولا حصر جنس ، ولا ظهور اتّصاف ، بل تريد أن تقول لصاحبك : ( هل سمعت بالبطل المحامي؟ ) ، و: ( هل تتصوّر حقيقته ما هي؟ ) فإن كنت أحطت بكنهه خبراً فعليك بعلان واشدد به يدك ، فهو ضالّتك وعنده بغيتك. وطريقته طريقة قولك : ( هل سمعت بالأسد؟ ) ، و: ( هل تعرف ما هو؟ ) فإن كنت تعرفه فزيد هو هو بعينه ، لا حقيقة له وراءه (٣).
وقال بعض من لحقه وسبق اللاحقين في العلوم العربية : ( المسند المعرّف بلام الجنس قد يقصد به تارة حصره في المسند إليه ؛ إمّا حقيقة ، أو ادّعاء نحو : ( زيد
__________________
(١) في المخطوط : ( العلماء ).
(٢) في المخطوط : ( دينك ).
(٣) دلائل الإعجاز : ١٤٠ ـ ١٤١.