لزوال ملكه إلّا أن يكون ظالماً في ذلك الفعل ، فحينئذٍ يجب على الوالي دفع الظالمين الذين يظلمون الرعية ، فإن لم يدفعهم عن ظلمهم كان له الحظّ الأوفر من العقاب ، وتكون مداهنته معهم [ هي (١) ] السبب الأقوى في زوال ملكه ، مع أنه قد ظنّ أنه سبب لبقاء ملكه ) (٢) ، انتهى كلام السيّد وهو من أنواره.
وأقول : إنّا نقرّر الإشكال في ظاهر الحديث من وجهين :
أحدهما : لزوم اجتماع الضدّين باجتماع ملِكين : أحدهما في نهاية العدل والآخر في نهاية الظلم ، وليس للعادل قدرة على زوال الظالم ، فيلزم منه اجتماع البطء والإسراع في حركة الفلك في آنات ملكهما ، فيجتمع الضدّان بالنقيضين وهما عين كلّ منهما. وملزوم الآخر والثاني أنه يلزم مؤاخذة من لا ذنب له بذنب غيره.
وأيضاً فإنّ المحسوس المشاهَد على مرّ الأزمان عدم اختلاف حركة الفلك بالسرعة والبطء حتّى لأصحاب الأرصاد المهرة في فن الفلكيّات مع وجود سببيهما بالضرورة. ولو كان ذلك لعُلم أو نُقل ، ولم يمكن ضبط التقاويم من الكسوفات والأهلّة وغير ذلك من ساعات أيّام السنة ولياليها وغيرها.
فإذا تأمّلت جواب السيّد السند وجدته غير دافع لشيء من الإشكالات. وأمّا جوابه الأوّل بما ورد من طول سنيّ صاحب الزمان عجّل الله فرجه فهو علاج جرح بقرح ، فإنّ الإشكال الذي صوّره واردٌ أيضاً على ظاهر ما أجاب به من الوارد ، فهو أوّل المسألة ، وبقيّة كلامه ضعفه ظاهر ، أعلى الله مقامه وشكر سعيه.
وما استضعفه من جواب معاصره أقوى وأظهر من جوابه ، لكنّه نبّه أخيراً على الرمز الغير المفهوم إلّا [ لأفراد (٣) ].
ولعلّ الجواب عن الأوّل من وجوه : منها أن رحمة الله وسعت كلّ شيء ، وحلمه سبق غضبه ، فالله بكرمه يدفع عمّن لا يصلّي بمن يصلّي ، وبمن يزكّي عمّن لا يزكّي ،
__________________
(١) في المخطوط : ( هو ).
(٢) الأنوار النعمانيّة ٣ : ٣١٨ ـ ٣١٩.
(٣) في المخطوط : ( الأفراد ).