فأمّا على القول الأول إذا غابت الشمس عن البصر ورأس ضوءها على جبل يقابلها أو مكان عال مثل منارة الإسكندريّة ، فإنه يصلي ، ولا يلزمه حكم طلوعها بحيث طلعت وعلى الرواية الأخرى لا يجوز حتى تغيب في كل موضع (٤) ، وهو أحوط ، ويظهر من كلام الشيخ هذا أن الاعتبار بغيبوبة القرص ، ونحوه قال ابن الجنيد ، ولهما عليه روايات (٥).
قال رحمهالله : وقال آخرون ما بين الزوال حتى يصير ظل كل شيء مثله وقت للظهر ، وللعصر من حين يمكن الفراغ من الظهر حتى يصير مثليه ، والمماثلة بين الفيء الزائد والظل الأول ، وقيل : بل مثل الشخص ، وقيل :
أربعة أقدام للظهر وثمان للعصر ، هذا للمختار ، وما زاد على ذلك حتى تغرب وقت لذوي الأعذار.
أقول : لكل صلاة وقتان أول وآخر ، قال الشيخان ومن تابعهما : الأول وقت للمختار ، والثاني وقت للمعذور ، وقال المصنف والعلامة : الأول وقت للفضيلة ، والثاني وقت للإجزاء ، وهو مذهب ابن إدريس ، لقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) (٦) ، والدلوك هو الزوال ، والغسق هو الظلمة ، وليس المراد الإتيان في جميع هذا الزمان إجماعا ، فتعين التخيير ، ومستند الشيخ ومن تابعه الروايات (٧).
إذا عرفت هذا فنقول : لا خلاف في أن زوال الشمس أول وقت الظهر ، وإنما الخلاف في آخره ، وفيه أقوال :
__________________
(٤) في «ن» بزيادة : يراه.
(٥) راجع الباب المتقدم.
(٦) الاسراء : ٧٨.
(٧) راجع الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٣ من أبواب المواقيت.