والظاهر ان الفرق كون الاعتكاف عبادة واحدة ، لأنه يكفي فيه نية واحدة ، كقوله : (أعتكف هذا الشهر من أوله إلى آخره لوجوبه بالنذر قربة إلى الله) ، والصوم عبادة متعددة بتعدد الأيام المنذورة لافتقار كل يوم إلى نية ، وكل من نذر عبادة في زمان معيّن وأخل بها وجب عليه كفارة خلف النذر ، فتتعدد الكفارة بتعدد العبادة المنذورة مع الإخلال.
فإن قيل : هذا لازم لكم في الاعتكاف ، لوجوب الصوم فيه ، فالإخلال به إخلال بالصوم الواجب بالنذر ، مع أنه يجب تعدد النية فيه بتعدد الأيام ولا يكفي فيه نية واحدة.
قلنا : لا يلزمنا هذا ، لأن الصوم عبادة منفردة لم يتناولها عقد النذر ، وإنما وجب لكونه شرطا في صحة الاعتكاف ، كما أن الطهارة شرط في صحة الصلاة ، فلو نذر صلاة ركعتين وجبت الطهارة ولو أخلّ بها في الزمان المعين وجبت كفارة واحدة عن ترك الصلاة ، ولا تجب كفارة أخرى عن ترك الطهارة ، لأن نذر المشروط لا يستلزم نذر الشرط ، لجواز تغاير سبب الوجوب فيهما ، لأنه قد تجب الطهارة لصلاة غير المنذور ، ثمَّ يدخل وقت المنذورة فيؤديها فيها ، وقد يجب الصوم لغير الاعتكاف ، ثمَّ يؤدي الاعتكاف فيه ، فلا يلزم ما قلتم.
الثاني : إذا كان الإفساد بالخروج من المسجد ، فإن كان النذر معينا بزمان وجب عليه كفارة خلف النذر ، أو العهد ، أو اليمين بحسب الموجب لتحقق الحنث ، وكذا لو أفسده بما يوجب القضاء دون الكفارة كتعمد القيء.
ويحتمل ذلك في غير المعين ، لوجوبه بالشروع فيه ، ويحتمل العدم ، لإمكان الإتيان بالنذر لعدم تعينه في زمان فلا يتحقق الحنث.
ولو خرج من المسجد في ثالث المندوب لم تجب الكفارة وان وجب القضاء ،