ونادرة الزمان ، قدوة المتقدمين ، وأفضل العلماء الراسخين ، نجم الملّة والحق والدين ، أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلي (قدّس الله نفسه الزكية وأفاض على تربته المراحم الربانية) ، قد ضمّنه جميع أصول الأحكام ، المشتهرة عن الأئمة الكرام ، مع إضافة الفروع اللطيفة ، والتحقيقات الشريفة ، بلفظ رائق حسن محرر ، يفوق على الجمان إذا تشطر ، فرغب فيه لتهذيبه الراغب ، واشتد عليه لفصاحته حرص الطالب ، حتى عمرت به المدارس ، ونصبت على تدريسه المجالس ، وهو مع شدة احتياج الناس اليه ، وعظم اكبابهم (٣) عليه ، قد اشتمل على ترددات ، ومسائل خلافيات ، فربما تعسر على الطلبة تحقيقها ، فتعسفوا سلوك طريقها ، فأحببت أن اعمل له شرحا كاشفا (٤) لتردداته ، ومبينا لمبهمه (٥) ومشكلاته ، مبرزا لرموزه ونكاته لتزداد به رغبة الراغب ، وتعظم بإضافته إليه منفعة الطالب ، فاستخرت الله وعملت هذا الكتاب راجيا من الله جزيل الثواب. وسميته :
«غاية المرام في شرح شرائع الإسلام» مقتصرا على إنشاء الترددات ، وإيضاح الخلافيات ، من غير اطناب في الأدلة والروايات ، لئلا يملّه الناظر ، مع إضافة ما يليق في الباب ، من الفروع والتنبيهات ، لينشرح له الخاطر.
هذا مع أنّي قصير الباع في هذه الصناعة ، قليل (٦) ما يصحبني من البضاعة ، لكن إذا أمحلت البلاد ، رعي الهشيم ، وإذا تعذّرت (٧) الموارد ، ورد
__________________
(٣) في «م» : اكتئابهم.
(٤) في «ي ١» : كافيا.
(٥) في «ي ١» : مبهماته.
(٦) في «ي ١» : وقليل.
(٧) في «م» وهامش «ي ١» : تعززت.