ولا أرى لهذا التردد وجها قويا على مذهب الخاصة ، لأن هذا الدم إما دم التمتع أو دم شاة ، والمختار عندهم انه دم التمتع ، وإنما يتوجه التردد فيه على القول بأنه جبران ، وهذا القول ضعيف جدا للإجماع على جواز الأكل منه ، والجبران لا يجوّز الأكل منه إجماعا أيضا ، وقطع في الخلاف والمبسوط أنه نسك لا جبران.
والقول بأنه جبران مذهب الشافعي ، فعنده أنه جبران للإحرام من غير الميقات ، وهو مردود ، لأن ميقات حج التمتع مكة ، وقال الشيخ في المبسوط :
ولو أحرم المتمتع من مكة وخرج منها إلى الميقات ومنه إلى عرفات صح ، واعتد بالإحرام من الميقات ، ولا يلزمه دم (٢٤) غير دم التمتع.
وهو يشعر بأنه جبران ، وقال الشافعي : إن أحرم بها من خارج مكة وعاد إليها فلا شيء ، وإن لم يعد إليها ومضى على وجهه الى عرفات ، فان كان إنشاء الإحرام من الحل فعليه دم قولا واحدا ، وإن أنشأ من الحرم ، ففي وجوب الدم عليه قولان : أحدهما لا يجب ، لأن الحكم إذا تعلق بالحرم ولم يختص ببقعة منه كان الجميع فيه سواء بذبح الهدي ، والثاني يجب عليه الدم ، لأن ميقاته البلد الذي هو مقيم فيها ، وإذا ترك ميقاته وجب عليه الدم وإن كان ذلك كله من حاضري المسجد الحرام.
فعلى قول الشافعي هذا يتوجه تردد المصنف ، وهو ضعيف كما تراه إذ بناه على قاعدته ، وهو ان الهدي جبران للإحرام من غير الميقات.
وعلى القول بأن المراد به غير دم المتمتع إنما يتوجه على مذهب ضعيف متروك ، وهو قوله في المبسوط في باب المواقيت : من أخّر الإحرام عن الميقات
__________________
(٢٤) من «ن» و «ر ٢».