جعفر بن الحسن الحلّي المعروف بالمحقق على الإطلاق والمحقق الحلي والمحقق الأول ، الذي كان له الأثر الكبير في تطوير علم الفقه وتهذيبه وتبويبه ، وقد أقرّ له بهذا كل من تأخر عنه ، ويبدو ذلك واضحا في آثاره التي يعد كتاب : «شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام» أهمها ، وقد حاز من الشهرة والرواج ما لم يتفق لكتاب في الفقه لا قبله ولا بعده ، وتداولته أيدي الطلبة والمدرسين منذ عهد مؤلّفه المتوفّى في سنة ٦٧٦ ه إلى يومنا هذا. وقد وصف بأنه : (أفصح ما نهضت به إفهامهم ، وأنقح ما جرت فيه أقلامهم. قد ضمنه جميع أصول الأحكام ...).
وحسبنا ما قيل فيه انه : من أحسن المتون الفقهيّة ترتيبا ، وأجمعها للفروع ، وقد ولع به الأصحاب من لدن عصر مؤلفه إلى الآن ، ولا يزال من الكتب الدراسية في عواصم العلم الشيعية ، وقد اعتمد عليه الفقهاء خلال هذه القرون العديدة ، فجعلوا أبحاثهم وتدريساتهم فيه ، وشروحهم وحواشيهم عليه (١) انتهى. وقد تعدت تلك الشروح والحواشي المائة كما ذكر ذلك في الذريعة (٢).
ويعد الموسوم منها بـ «غاية المرام في شرح شرائع الإسلام» أولها (٣) ومن أهمها ، نظرا لمنزلة مؤلّفه العلمية ، وما يمثله في تلك الحقبة الزمنية ، وما احتواه هذا الكتاب من الفروع والتحقيقات والفوائد والتنبيهات.
ومن هنا وقع اختيارنا على هذا الكتاب لإخراجه بحلة تتناسب مع ما يمثله من قيمة علمية وتراثية ، مع تقديرنا للآثار الباقية لعلمائنا الأبرار رضوان الله تعالى عليهم ، وإحساسنا بضرورة إخراجها بما يتناسب مع أهميّتها والحاجة إليها.
__________________
(١) انظر الذريعة ١٣ : ٤٧.
(٢) المصدر : ٤٨.
(٣) لاحظ الأعيان ١٠ : ١٣٣.