وإنّما لم تكره ذات السبب ؛ لاختصاصها بورود النصّ على فعلها في هذه الأوقات أو في عموم الأوقات ، والخاصّ مقدّم. وللأصل. وفي بعض الأخبار الدالّ على بعض ذي السبب أنّه من سرّ آل محمّد المخزون (١).
والمراد بكراهة النافلة فيها كونها خلاف الأولى ، كباقي العبادات المكروهة ، فتنعقد ؛ لعدم المنافاة ، وينعقد نذرها. وتوقّف المصنّف في التذكرة والنهاية (٢).
واعلم أنّه كان يغني قيد الابتداء عن استثناء ما لَه سبب ، كما صنع الشهيد (٣) رحمهالله وغيره ، فإنّهم يحترزون بالمبتدئة عن ذات السبب.
ويمكن الاحتراز بالابتداء هنا عن الاستدامة بأن يدخل عليه أحد الأوقات وهو في أثناء نافلة لا سبب لها ، فإنّه لا يكره له قطعها ؛ لكونه مكروهاً (٤) ، فتتعارض الكراهتان ، ويرجع إلى الأصل ، ولأنّ المنهيّ عنه الصلاة لا بعضها.
(وأوّل الوقت أفضل) من غيره ؛ لما فيه من المسارعة إلى فعل الطاعة ولزوم المغفرة. والأخبار في ذلك عن النبي والأئمّة «لا تحصى.
فمنها : عنه عليهالسلام «أفضل الأعمال الصلاة لأوّل وقتها» (٥).
وعن الصادق عليهالسلام إنّ فضل أوّل الوقت على آخره كفضل الآخرة على الدنيا (٦). وفي قوله عليهالسلام أوّل الوقت رضوان الله ، وآخره عفو الله (٧) كفاية ، فإنّ الرضوان إنّما يكون للمحسنين ، والعفو يشبه أن يكون للمقصّرين.
وتحصل أفضليّة الأوّليّة بالاشتغال بشروط الصلاة ومقدّماتها ، كالطهارة وستر العورة والأذان حين دخوله ، فلا يُعدّ حينئذٍ مؤخّراً ، ولا يشترط تقديم ما يمكن تقديمه عليه ، كما لا يعتبر تكلّف العجلة على خلاف العادة. ولا يضرّ الاشتغال بما لا ينافيه عرفاً ، كأكل لقمة ، وكلام خفيف.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣١٥ / ١٤٢٩ ؛ التهذيب ٢ : ١٧٣ / ٦٨٩ ، و ١٧٤ / ٦٩٣ ؛ الاستبصار ١ : ٢٩٠ / ١٠٦٠.
(٢) تذكرة الفقهاء ٢ : ٣٣٨ ، الفرع «ب» ؛ نهاية الإحكام ١ : ٣٢١ و ٣٢٢.
(٣) الذكرى ٢ : ٣٨١.
(٤) كذا ، والظاهر : فإنّه لا يكره له إتمامها ؛ لأنّ قطع النافلة مكروه.
(٥) سنن الترمذي ١ : ٣١٩ ٣٢٠ / ١٧٠ ؛ سنن الدارقطني ١ : ٢٤٧ / ١٠ ، و ٢٤٨ / ١٣ ؛ سنن البيهقي ١ : ٦٣٧ / ٢٠٤٢.
(٦) الكافي ٣ : ٢٧٤ / ٦ ؛ ثواب الأعمال : ٥٨ / ٢ ؛ التهذيب ٢ : ٤٠ ٤١ / ١٢٩.
(٧) سنن الترمذي ١ : ٣٢١ / ١٧٢ ؛ سنن الدارقطني ١ : ٢٤٩ / ٢١ ؛ سنن البيهقي ١ : ٦٤٠ / ٢٠٥٠.