عن واجبٍ آخر سهواً بطريق أولى ؛ لأنّ ما دخل فيها أقرب إلى الحقيقة ممّا خرج ، وكذا الواجب أقرب إلى حقيقة الواجب الآخر من المندوب إليه ، فمفهوم الموافقة يحصل هنا من وجهين ، بخلاف مسألة جلسة الاستراحة ؛ فإنّ مفهوم الموافقة التي ذُكرت تحصل من جهة واحدة ، وهي إجزاء المندوب الداخل في الصلاة عن الواجب فيها ، وهو أقرب من إجزاء المندوب الخارج عنها عن الواجب الداخل فيها ، كما هو مورد النصّ.
ولو كان جلوسه عقيب السجدة الأُولى بنيّة الوجوب لا للفصل ، كما لو جلس للتشهّد وتشهّد أو لم يتشهّد ، ففي الاجتزاء به الوجهان.
ولا تخفى قوّة الاجتزاء بعد ما قرّرناه ، واختاره الشهيد (١) أيضاً.
واعلم أنّه لو كان قد تشهّد أو قرأ أو سبّح وتلافى السجود ، وجب عليه إعادة ما بعده ؛ لرعاية الترتيب.
ولو فرض أنّ المنسيّ السجود الأخير وذكره بعد التشهّد ، أعاده ثمّ تشهّد وسلم.
وهذا على القول بوجوب التسليم واضح ؛ لذكره في محلّه قبل الخروج من الصلاة.
ولو قلنا بندبه ، ففي العود إلى السجود أو بطلان الصلاة لو كان المنسيّ السجدتين وقضاء السجدة الواحدة إشكال : من أنّ آخر الصلاة على هذا التقدير التشهّد ، فيفوت محلّ التدارك. ومن إمكان القول بتوقّف الخروج من الصلاة حينئذٍ على فعل المنافي أو التسليم ، فما لم يحصلا لم يتحقّق الخروج من الصلاة.
وربما قيل بمجيء الإشكال وإن ذكر بعد التسليم.
ووجه قضاء السجدة حينئذٍ أو بطلان الصلاة بنسيان السجدتين ظاهر ؛ للخروج من الصلاة بالتسليم قبل تداركهما.
ووجه التدارك : عدم صحّة التشهّد والتسليم حيث وقعا قبل تمام السجود ؛ لأنّ قضيّة الأفعال الصحيحة وقوعها في محلّها مرتّبةً.
والكلام أيضاً آتٍ في نسيان التشهّد إلى أن يسلّم.
وعلى هذا الوجه إن ذكر قبل فعل المنافي ، تدارك المنسيّ ، وأكمل الصلاة. وإن ذكر
__________________
(١) الذكرى ٤ : ٤٨.