وبالغ المصنّف في المختلف (١) والشهيد في الذكرى (٢) في إنكار ذلك بناءً على أنّ شرعيّته ليكون استدراكا للفائت من الصلاة ، فهو على تقدير وجوبه جزء من الصلاة ، فيكون الحدث واقعاً في الصلاة فيبطلها حتى ورد (٣) وجوب سجدتي السهو للكلام قبله.
ولصحيحة أبي بصير عن الصادق عليهالسلام «إذا لم تدر أربعاً صلّيت أو ركعتين فقُمْ واركع ركعتين» (٤) والفاء للتعقيب ، وإيجاب التعقيب ينافي تسويغ الحدث.
وقد عرفت جواب البدليّة. والحديث إنّما دلّ على وجوب الفوريّة ، ولا نزاع فيها ، بل هي واجبة إجماعاً ، كما ادّعاه في الذكرى (٥) ، وإنّما النزاع في أنّه لمخالفتها هل يأثم خاصّة أو تبطل الصلاة مع فعل المنافي؟ وهذا أمر آخر.
فإن قيل : الأمر بالفوريّة يقتضي النهي عن ضدّه ، فتبطل المتأخّرة ؛ للنهي عنها.
قلنا : النهي ليس عن نفس الصلاة ، بل عن التأخير ، فلا يدلّ على فسادها ، كما لا يدلّ النهي عن تأخير الصلاة عن وقتها على فساد القضاء ، ووجوب الفوريّة بالزلزلة عند الشهيد (٦) ومَنْ تبعه على فسادها مع التأخير ، بل الإثم حسب.
وأيضاً النزاع إنّما هو في تخلّل المنافي بينه وبين الصلاة ، وما ذكروه يدلّ على بطلان الصلاة مع الإخلال بالفوريّة مطلقاً ، وهُمْ لا يقولون به ، فعُلم من ذلك أنّ الخبر إنّما دلّ على وجوب المبادرة بالاحتياط ، ونحن نقول به.
وقد تعجّب المصنّف في المختلف (٧) من ابن إدريس حيث جوّز التسبيح في الاحتياط ولم يبطل الصلاة بالحدث المتخلّل ؛ فإنّهما حكمان متضادّان ؛ لأنّ جواز التسبيح يقتضي كونه جزءاً ، وعدم البطلان يقتضي كونه صلاةً منفردة.
وأُجيب (٨) بأنّ التسليم جَعَل للاحتياط حكماً مغايراً للجزء باعتبار الانفصال عن
__________________
(١) مختلف الشيعة ٢ : ٤١٢ ، المسألة ٢٩٣.
(٢) الذكرى ٤ : ٨١ ٨٢.
(٣) الكافي ٣ : ٣٥٢ / ٤ ؛ التهذيب ٢ : ١٨٦ / ٧٣٩ ؛ الاستبصار ١ : ٣٧٢ ٣٧٣ / ١٤١٥.
(٤) التهذيب ٢ : ١٨٥ / ٧٣٨.
(٥) انظر : الذكرى ٤ : ٨١.
(٦) انظر : الذكرى ٤ : ٢٠٤.
(٧) مختلف الشيعة ٢ : ٤١٣ ؛ ذيل المسألة ٢٩٣ ؛ وانظر : السرائر ١ : ٢٥٤ و ٢٥٦.
(٨) المجيب هو الشهيد في الذكرى ٤ : ٨٢.