لم تتضيّق الحاضرة ، دون غيرها وإن اتّحد (١). والمحقّقُ إلى تقديم الواحدة مطلقاً دون غيرها (٢). ويمكن أخذ حُججهما ممّا ذكرناه.
وفي المسألة أقوال أُخر ذِكْرُها مع حُججها بالمطوّلات أليق.
واعلم أنّ تعبير المصنّف بترتّب الفائتة على الحاضرة تبع فيه شيخَه المحقّق (٣) ، وهو من باب صناعة القلب ، كقول رؤبة :
ومَهْمَهٍ مغبرةٍ أرجاؤه |
|
لله كأنّ لونَ أرضه سماوة (٤) |
أي لون سمائه لغبرتها لون أرضه.
وقول القُطامي :
لله كما طيّنت بالفدن السياعا (٥)
فإنّ الفدن : القصرُ. والسياع : الطين.
قيل : ومنه (كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا) (٦) و (٧) و (قابَ قَوْسَيْنِ) (٨) أي : قابي قوس (٩) ، وهو باب متّسع ، وذلك لأنّ المحكوم عليه بالترتّب على الآخر وعدمه هو الحاضرة لا الفائتة ، فكان الأصل فيه : «ولا تترتّب الحاضرة على الفائتة» إلى آخره.
__________________
(١) مختلف الشيعة ٢ : ٤٣٧ ، المسألة ٣٠٩.
(٢) شرائع الإسلام ١ : ١١١ ، المعتبر ٢ : ٤٠٥ ؛ المسائل العزّيّة (ضمن الرسائل التسع) : ١١٢.
(٣) انظر المختصر النافع : ٤٦ ؛ والمعتبر ٢ : ٤٠٥.
(٤) مغني اللبيب ٢ : ٩١٢. وروى باختلاف ، وهذا نصّه :
وبلد عامية إعماؤه |
|
كأنّ لون أرضه سماوة |
انظر المثل السائر ٤ : ٢٧٧ ؛ لسان العرب ١٥ : ٩٨ ، «ع م ى».
(٥) مغني اللبيب ٢ : ٩١٣ ؛ وفي لسان العرب ٨ : ١٧٠ «س ى ع» : «بطّنت» بدل «طيّنت».
(٦) الأعراف (٧) : ٤.
(٧) كما في مغني اللبيب ٢ : ٩١٣ ٩١٤.
(٨) النجم (٥٣) : ٩.
(٩) قال ابن هشام : نقل الجوهري [الصحاح ١ : ٢٠٧ «ق وب»] في فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أنّ أصله «قابي قوس» فقلبت التثنية بالإفراد. وهو حسن. مغني اللبيب ٢ : ٩١٤.