الخلاف (١) ، ولم يذكرا على ذلك دليلاً.
واستدلّ لهم الأصحاب بقوله تعالى (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (٢) مع قوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) (٣) بالجمع بينهما بحمل الاولى على النفل ، والثانية على الفرض ، وهو أولى من النسخ. وبأنّ الفعل إذا كان مندوباً ، يمتنع وجوب كيفيّته ، فلا يعقل وجوب الاستقبال مع ندب الصلاة.
وأجابوا (٤) : بأنّ المراد بالوجوب هنا كونه شرطاً للشرعيّة مجازاً ؛ لمشاركته الواجبَ في كونه لا بدّ منه ، أو كون وجوبه مشروطاً بمعنى أنّه إن فعل النافلة وجب فعلها إلى القبلة ، فمع المخالفة يأثم بترك الاستقبال وبفعلها إلى غير القبلة.
والمراد بالآية الأُولى النافلة على الراحلة أو ماشياً ، فلا نسخ.
إذا تقرّر ذلك ، فالقائلون بالاشتراط اختلفوا ، فأوجب ابن أبي عقيل الاستقبال فيها (٥) بالمعنى المذكور مطلقاً ، كالفريضة ، إلا في حال الحرب والسفر (٦).
وأوجبه الشيخ لغير الراكب والماشي ولو حضراً (٧).
وقد تقدّم (٨) في الخبرين ما يدلّ على عدم اشتراطه للراكب.
ويدلّ على حكم الماشي ولو في الحضر ما رواه الحسين بن المختار عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن الرجل يصلّي وهو يمشي تطوّعاً ، قال : «نعم» (٩) ولم يستفصلُ عن الانحراف وعدمه ، فيكون الحكم للعموم.
ومثله القول في الخبر المتقدّم (١٠) عن الكاظم عليهالسلام.
ويشكل بوجوب حمل العامّ على الخاصّ.
__________________
(١) انظر الخلاف ١ : ٤٣٩ ، المسألة ١٨٦.
(٢) البقرة (٢) : ١١٥.
(٣) البقرة (٢) : ١٥٠.
(٤) منهم : المحقّق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٦٠.
(٥) أي : في النوافل.
(٦) حكاه عنه العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٩٠ ، المسألة ٣٤.
(٧) المبسوط ١ : ٧٩.
(٨) في ص ٥١٨ من صحيحة الحلبي عن الإمام الصادق عليهالسلام ، والرواية عن الإمام الكاظم عليهالسلام.
(٩) المعتبر ٢ : ٧٧.
(١٠) في ص ٥١٨.