مردودة بالإرسال ، وجهالة خداش ، ومن ثَمَّ ذهب بعض الأصحاب كابن أبي عقيل وابن بابويه (١) في ظاهر كلامه إلى أنّه عند خفاء القبلة يصلّي حيث شاء ، ولا إعادة عليه بعد خروج الوقت لو تبيّن الخطأ.
والوقوف مع المشهور أقوى وإن لم يكن هناك نصّ ؛ لما أسلفناه من السرّ في الصلاة إلى الأربع بأنّه يصير حينئذٍ إمّا مستقبلاً أو منحرفاً انحرافاً لا يبلغ حدّ اليمين واليسار ، فيتيقّن معه الصلاة المُبرئة للذمّة ، بخلاف ما لو صلّى إلى أقلّ من ذلك. وتبقى الرواية والشهرة مؤيّدتين لذلك.
وتطرد الصلاة إلى أربع على القول به في جميع الصلوات حتى الجنازة ، وكذا تغسيل الميّت ، أمّا احتضاره ودفنه فلا ، وكذا الذبح والتخلّي ، أمّا الاجتهاد فواجب في الجميع عند وجوبها.
(والأعمى يقلّد) في القبلة إن تعذّر عليه العلم بها عيناً أو جهةً ، كلمس الكعبة ، أو محراب المعصوم ، أو محراب مسجد المسلمين أو قبورهم ، أو تحصيل الجهات ، أو محلّ النجم بوجهٍ من الوجوه حتى لو قدر على المخبر العدْل بكون القطب مثلاً منه على الموضع المعتبر ، قدّم على التقليد ؛ لأنّه من باب الخبر ، كما ذكره الأصحاب ، فإن تعذّر ذلك كلّه ، قلّد على أشهر القولين.
وأوجب الشيخ في الخلاف عليه الصلاةَ إلى الأربع (٢).
وعلى المشهور يُقلّد العدْلَ العارف بأدلّة القبلة ، المُخبر عن يقين أو اجتهاد وإن كان الرجوع إلى الأوّل لا يسمّى هنا تقليداً إلا مجازاً ، سواء كان المخبر رجلاً أم امرأةً ، حُرّاً أم عبداً ؛ لأنّ المعتبر المعرفةُ والعدالة ، وليس من الشهادة في شيء ، وإلا لوجب التعدّد.
ولا يكفي الصبي ؛ لفقد قبول خبره.
فإن تعذّر العدل ، ففي الرجوع إلى المستور بل إلى الفاسق مع ظنّ صدقه بل وإلى الكافر مع تعذّر المسلم وجهان : من استلزام الجهل بالشرط الجهلَ بالمشروط والأمر بالتثبّت عند إخبار الفاسق والنهي عن الركون إلى الكافر ، ومن صحّة إخبار المسلم وقيام الظنّ
__________________
(١) حكاه عنهما العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٨٤ ، المسألة ٢٨.
(٢) الخلاف ١ : ٣٠٢ ، المسألة ٤٩.