ويكون ظاهرا قبل أن يكون باطنا ، كلّ مسمّى بالوحدة غيره قليل (١) ، وكلّ عزيز غيره ذليل ، وكلّ قوىّ غيره ضعيف ، وكلّ مالك غيره مملوك ، وكلّ عالم غيره متعلّم ، وكلّ قادر غيره يقدر ويعجز ، وكلّ سميع غيره يصمّ عن لطيف الأصوات ، ويصمّه كبيرها ، ويذهب عنه ما بعد منها (٢) وكلّ بصير غيره يعمى عن خفىّ الألوان ولطيف الأجسام ، وكلّ ظاهر غيره باطن ،
__________________
(١) الواحد : أقل العدد ، ومن كان واحدا منفردا عن الشريك محروما من المعين كان محتقرا لضعفه ، ساقطا لقلة أنصاره ، أما الوحدة ـ فى جانب اللّه ـ فهى علو الذات عن التركيب المشعر بلزوم الانحلال ، وتفردها بالعظمة والسلطان ، وفناء كل ذات سواها إذا اعتبرت منقطعة النسبة إليها ، فوصف غير اللّه بالوحدة تقليل ، والكمال فى عالمه أن يكون كثيرا ، إلا اللّه : فوصفه بالوحدة تقديس وتنزيه. وبقية الأوصاف ظاهرة.
(٢) السامعون من الحيوان والانسان : لقوى سمعهم حد محدود ، فما خفى من الأصوات لا يصل إليها ، فهى صماء عنه ، فيصم ـ بفتح الصاد ـ مضارع «صم» ـ من باب علم ـ إذ أصيب بالصمم ، وفقد السمع ، وما عظم من الأصوات حتى فات المألوف الذى يستطاع احتماله يحدث فيها الصمم بصدعه لها ، فيصم ـ بكسر الصاد ، وصم حرف المضارعة ـ مضارع «أصم» وما بعد من الأصوات عن السامع ـ بحيث لا يصل موج الهواء المتكيف بالصوت إليه ـ ذهب عن تلك القوى فلا تناله. كل ذلك فى غيره سبحانه. أما هو ـ جل شأنه ـ فيستوى عنده الخفى والشديد ، والقريب والبعيد : لأن نسبة الأشياء إليه واحدة. ومثل ذلك يقال فى البصر والبصراء