فطرتها (١) شقيّها وسعيدها : اجعل شرائف صلواتك ونوامى بركاتك على محمّد عبدك ورسولك (٢) : الخاتم لما سبق ، والفاتح لما انغلق ، والمعلن الحقّ بالحقّ ، والدّافع جيشات الأباطيل ، والدّامغ صولات الأضاليل ، كما حمّل فاضطلع (٣) قائما بأمرك ، مستوفزا فى مرضاتك ، غير ناكل عن قدم ، ولا واه فى عزم (٤) واعيا لوحيك ، حافظا على عهدك ، ماضيا على نفاذ أمرك
__________________
(١) «جابل القلوب» : خالقها ، وطابعها عليه ، وتقول : جبلنا اللّه ـ من بابى نصر وضرب ـ والفطرة ـ بكسر فسكون ـ : أول حالات المخلوق التى يكون عليها فى بدء وجوده ، وهى للانسان : حالته خاليا من الآراء والأهواء والديانات والعقائد وقوله «شقيها وسعيدها» بدل من القلوب ، أى : جابل الشقى والسعيد من القلوب على فطرته الأولى التى هو بها كاسب محض : فحسن اختياره يهديه إلى السعادة ، وسوء تصرفه يضلله فى طرق الشقاوة
(٢) الشرائف : جمع شريفة ، والنوامى : الزوائد ، والخاتم لما سبق : أى لما تقدمه من النبوات ، والفاتح لما انغلق : كانت أبواب القلوب قد أغلقت بأقفال الضلال عن طوارق الهداية فافتتحها صلّى اللّه عليه وآله وسلم بآيات نبوته ، وأعلن الحق ، وأظهره بالحق والبرهان ، والأباطيل : جمع باطل على غير قياس ، كما أن الأضاليل جمع ضلال على غير قياس ، وجيشاتها : جمع جيشة ـ بفتح فسكون ـ من جاشت القدر ، إذا ارتفع غليانها ، والصولات : جمع صولة ، وهى السطوة ، والدامغ : من دمغه إذا شجه حتى بلغت الشجة دماغه ، والمراد أنه قامع ما نجم من الباطل ، والكاسر لشوكة الضلال وسطوته ، وذلك بسطوع البرهان ، وظهور الحجة
(٣) أى : أعلن الحق بالحق ، وقمع الباطل ، وقهر الضلال ، كما حمل تلك الأعمال الجليلة بتحمله أعباء الرسالة ، فاظطلع ـ أى : نهض بها قويا ـ والضلاعة : القوة ، والمستوفز : المسارع المستعجل ، وقد تكون الكاف
فى «كما حمل» للتعليل كما فى قوله : ـ
فقلت له أبا الملحاء خذها |
|
كما أوسعتنا بغيا وعدوا |
(٤) الناكل : الناكص والمتأخر ، أى : غير جبان يتأخر عند وجوب الاقدام ،