وجوّ منفهق (١) فسوّى منه سبع سموات جعل سفلاهنّ موجا مكفوفا (٢) وعلياهنّ سقفا محفوظا ، وسمكا مرفوعا ، بغير عمد يدعمها ، ولا دسار ينظمها (٣) ثمّ زيّنها بزينة الكواكب ، وضياء الثّواقب (٤) وأجرى فيها سراجا مستطيرا (٥) وقمرا منيرا : فى فلك دائر ، وسقف سائر ، ورقيم مائر (٦) ثمّ فتق ما بين السّموات العلا ، فملأهنّ أطوارا من ملائكته (٧) منهم سجود لا يركعون ،
__________________
عبابه : ارتفع علاه. وركامه : ثبجه ، وهضبته ، وما تراكم منه بعضه على بعض
(١) المنفهق : المفتوح الواسع.
(٢) المكفوف : الممنوع من السيلان ، ويدعمها : يسندها ويحفظها من السقوط.
(٣) الدسار : واحد الدسر ، وهى المسامير ، أو الخيوط تشد بها ألواح السفينة من ليف ونحوه.
(٤) الثواقب : المنيرة المشرقة.
(٥) مستطيرا : منتشر الضياء ، وهو الشمس.
(٦) الرقيم : اسم من أسماء الفلك : سمى به لأنه مرقوم بالكواكب ، ومائر : متحرك ، ويفسر الرقيم باللوح ، وشبه الفلك باللوح لأنه مسطح فيما يبدو للنظر.
(٧) جعل الملائكة أربعة أقسام : الأول : أرباب العبادة ، ومنهم الراكع ، والساجد ، والصاف ، والمسبح. وقوله «صافون» أى : قائمون صفوفا. لا يتزايلون أى : لا يتفارقون. والقسم الثانى : الأمناء على وحى اللّه لأنبيائه ، والألسنة الناطقة فى أفواه رسله ، والمختلفون بالأقضية إلى العباد : بهم يقضى اللّه على من شاء بما شاء. والقسم الثالث : حفظة العباد ، كأنهم قوى مودعة فى أبدان البشر ونفوسهم ، يحفظ اللّه الموصولين بها من المهالك والمعاطب ، ولو لا ذلك لكان العطب ألصق بالانسان من السلامة ، ومنهم سدنة الجنان ، جمع سادن : وهو الخادم ، والخادم يحفظ ما عهد إليه وأقيم على خدمته. والقسم الرابع : حملة العرش ، كأنهم القوة العامة التى أفاضها اللّه فى العالم الكلى ، فهى الماسكة له ، الحافظة لكل جزء منه :