ذلك لنسخ الرّجاء منهم شفقات وجلهم (١) ولم يختلفوا فى ربّهم باستحواذ الشّيطان عليهم ، ولم يفرّقهم سوء التّقاطع ، ولا تولاّهم غلّ التّحاسد ، ولا شعبتهم مصارف الرّيب (٢) ولا اقتسمتهم أخياف الهمم (٣) فهم أسراء إيمان لم يفكّهم من ربقته زيغ ، ولا عدول ولا ونى ولا فتور (٤) وليس فى أطباق السّماء موضع إهاب (٥) إلاّ وعليه ملك ساجد ، أو ساع حافد (٦) يزدادون على طول الطّاعة بربّهم علما ، وتزداد عزّة ربّهم فى قلوبهم عظما
ومنها فى صفة الأرض ودحوها على الماء (٧).
كبس الأرض (٨) على مور أمواج مستفحلة ، ولجج بحار زاخرة (٩) تلتطم أواذىّ أمواجها (١٠) وتصطفق متقاذفات أثباجها (١١) وترغو زبدا كالفحول
__________________
(١) الشفقات : تارات الخوف وأطواره ، وهو فاعل نسخ ، والرجاء : مفعول. والوجل : الخوف أيضا
(٢) شعبتهم : فرفتهم صروف الريب : جمع ريبة ، وهى ما لا تكون النفس على ثقة من موافقته للحق
(٣) جمع خيف ـ بالفتح ـ وهو فى الأصل : ما انحدر عن سفح الجبل ، والمراد هنا سواقط الهمم ، فان التفرق والاختلاف كثيرا ما يكون من انحطاط الهمة ، بل أعظم ما يكون منه ينشأ عن ذلك ، وقد يكون الخيف بمعنى الناحية ، أى : متطرفات الهمم
(٤) الونى : مصدر ونى ـ كتعب ـ أى : تأنى
(٥) جلد حيوان
(٦) خفيف ، سريع
(٧) دحوها : بسطها
(٨) كبس النهر والبئر ، أى : طمهما بالتراب ، وعلى هذا كان حق التعبير كبس بها مور أمواج. لكنه أقام الآلة مقام المفعول لأنها المقصود بالعمل. والمور : التحرك الشديد ، والمستفحلة : الهائجة التى يصعب التغلب عليها
(٩) ممتلئة
(١٠) جمع آذى ، وهو أعلى الموج
(١١) اصطفقت الأشجار : اهتزت بالريح والأثباج : جمع ثبج ـ بالتحريك ـ وهو فى الأصل ما بين الكاهل والظهر ، أو صدر القطاة ، استعاره لأعالى الموج ، التى يقذف بعضها بعضا