العيون عن روابيها (١) ولا تجد جداول الأنهار ذريعة إلى بلوغها (٢) حتّى أنشأ لها ناشئة سحاب تحيى مواتها (٣) وتستخرج نباتها ، ألّف غمامها بعد افتراق لمعه (٤) وتباين قزعه (٥) حتّى إذا تمخّضت لجّة المزن فيه (٦) والتمع برفه فى كففه (٧) ، ولم ينم وميضه فى كنهور ربابه (٨) ومتراكم سحابه ، أرسله سحّا متداركا (٩) ، قد أسفّ هيدبه (١٠) تمريه الجنوب درر أهاضيبه ودفع شآبيبه (١١)
__________________
(١) مرتفعاتها
(٢) ذريعة : وسيلة
(٣) الموات من الأرض : ما لا يزرع
(٤) جمع لمعة ـ بضم اللام ـ وهى فى الأصل القطعة من النبات مالت لليبس ، استعارها لقطع السحاب للمشابهة فى لونها وذهابها إلى الاضمحلال ، لو لا تأليف اللّه لها مع غيرها
(٥) جمع قزعة ـ محركة ـ وهى : القطعة من الغيم
(٦) تمخضت : تحركت تحركا شديدا كما يتحرك اللبن فى السقاء بالمخض ، والضمير فى «فيه» راجع إلى المزن ، أى : تحركت اللجة التى يحملها المزن فيه ، ويصح أن يرجع للغمام فى أول العبارة
(٧) جمع كفة ـ بضم الكاف ـ وهى الحاشية والطرف لكل شىء ، أى : جوانبه
(٨) نامت النار : همدت ، والوميض : اللمعان ، والكنهور ـ كسفرجل ـ القطع العظيمة من السحاب ، أو المتراكم منه. والرباب ـ كسحاب ـ الأبيض المتلاحق منه. أى : لم يهمد لمعان البرق فى ركام هذا الغمام
(٩) سحا : متلاحقا متواصلا
(١٠) أسف الطائر : دنا من الأرض ، والهيدب ـ كجعفر ـ السحاب المتدلى ، أو ذيله. وقوله «تمريه» من «مرى الناقة» أى : مسح على ضرعها ليحلب لبنها. والدرر ـ كعلل ـ جمع درة ـ بالكسر ـ وهى اللبن ، والأهاضيب : جمع أهضاب ، وهو جمع هضبة ـ كضربة ـ وهى المطرة ، أى : دنا السحاب من الأرض لثقله بالماء ، وريح الجنوب تستدر الماء كما يستدر الحالب لبن الناقة ، فان الريح تحركه فيصب ما فيه
(١١) جمع شؤبوب ، وهو ما ينزل من المطر بشدة