فلمّا ألقت السّحاب برك بوانيها (١) ، وبعاع ما استقلّت به (٢) من العبء المحمول عليها (٣) أخرج به من هوامد الأرض النّبات (٤) ومن زعر الجبال الأعشاب (٥) فهى تبهج بزينة رياضها (٦) وتزدهى (٧) بما ألبسته من ريط (٨) أزاهيرها (٩) وحلية ما سمطت به (١٠) من ناضر أنوارها (١١) وجعل ذلك بلاغا للأنام (١٢) ورزقا للأنعام ، وخرق العجاج فى آفاقها ، وأقام المنار للسّالكين على جوّاد طرقها ،
__________________
(١) البرك ـ بالفتح ـ فى الأصل : ما يلى الأرض من جلد صدر البعير كالبركة ، والبوانى : هى أضلاع الزور ، وشبه السحاب بالناقة إذا بركت وضربت بعنقها على الأرض ولاطمتها بأضلاع زورها. واشتبه ابن أبى الحديد فى معنى البرك والبوانى فأخرج الكلام عن بلاغته
(٢) «وبعاع» عطف على «برك» والبعاع ـ بالفتح ـ : ثقل السحاب من الماء ، وألقى السحاب بعاعة : أمطر كل ما فيه.
(٣) العبء : الحمل
(٤) الهوامد من الأرض : ما لم يكن بها نبات
(٥) زعر ـ بالضم ـ جمع أزعر ، وهو الموضع : القليل النبات. والأنثى زعراء
(٦) بهج ـ كمنع ـ : سر وأفرح
(٧) تعجب
(٨) جمع ريطة ـ بالفتح ـ وهى كل ثوب رقيق لين
(٩) جمع أزهار الذى هو جمع زهرة بمعنى النبات
(١٠) «سمط» من «سمط الشىء» أى : علق عليه السموط ، وهى : الخيوط تنظم فيها القلادة
(١١) الأنوار : جمع نور ـ بفتح النون ـ وهو الزهر بالمعنى المعروف أى : حلية القلائد التى علقت عليها من أزهار نباتها ، وفى رواية «شمطت» بالشين وتخفيف الميم ـ من «شمطه» إذا خلط لونه بلون آخر ، والشميط من النبات : ما كان فيه لون الخضرة مختلطا بلون الزهر
(١٢) البلاغ : ما يتبلغ به من القوت