مرفوع ، ومهاد تحتهم موضوع ، ومعايش تحييهم وآجال تفنيهم ، وأوصاب تهرمهم (١) وأحداث تتابع عليهم ، ولم يخل سبحانه خلقه من نبىّ مرسل ، أو كتاب منزل ، أو حجّة لازمة ، أو محجّة قائمة (٢) : رسل لا تقصّر بهم قلّة عددهم ، ولا كثرة المكذّبين لهم : من سابق سمّى له من بعده ، أو غابر عرّفه من قبله (٣) : على ذلك نسلت القرون (٤) ، ومضت الدّهور ، وسلفت الآباء وخلفت الأبناء ، إلى أن بعث اللّه سبحانه محمّدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لإنجاز عدته (٥) وتمام نبوّته ، مأخوذا على النّبيّين ميثاقه ، مشهورة سماته (٦)
__________________
وترتفع به إلى الايقان بصانع الموجودات ، وقد تحجب هذه الأنوار غيوم من الأوهام ، وحجب من الخيال ، فيأتى النبيون لاثارة تلك المعارف الكامنة ، وإبراز تلك الأسرار الباطنة. (٣ ـ ن ـ ج ـ (١)
(١) السقف المرفوع : السماء ، والمهاد الموضوع : الأرض ، والأوصاب : المتاعب
(٢) المحجة : الطريق القويمة الواضحة
(٣) من سابق : بيان للرسل ، وكثير من الأنبياء السابقين سميت لهم الأنبياء الذين يأتون بعدهم فبشروا بهم كما ترى ذلك فى التوراة ، وفى القرآن الكريم أن عيسى عليه السلام بشر بخاتم الرسل صلى اللّه عليه وسلم والغابر : الذى يأتى بعد أن يبشر به السابق ، جاء معروفا بتعريف من قبله.
(٤) نسلت ـ بالبناء للمجهول ـ ولدت ، وبالبناء للفاعل : مضت متتابعة.
(٥) الضمير فى «عدته» للّه تعالى ، لأن اللّه وعد بارسال محمد صلى اللّه عليه وسلم على لسان أنبيائه السابقين ، وكذلك الضمير فى «نبوته» لأن اللّه تعالى أنبأبه وأنه سيبعث وحيا لأنبيائه ، فهذا الخبر الغيبى قبل حصوله يسمى نبوة : ولما كان اللّه هو المخبر به أضيفت النبوة إليه ، هكذا نسب للامام ، ولكن الأظهر أن الضمير فى «نبوته» عائد إلى النبى صلى اللّه عليه وسلم
(٦) سماته : علاماته التى ذكرت فى كتب الأنبياء السابقين الذين بشروا به