بتأليف كتاب فى خصائص الأئمة عليهم السلام : يشتمل على محاسن أخبارهم وجواهر كلامهم ، حدانى عليه غرض ذكرته فى صدر الكتاب ، وجعلته أمام الكلام ، وفرغت من الخصائص التى تخص أمير المؤمنين عليّا عليه السلام ، وعاقت عن إتمام بقية الكتاب محاجزات الزمان (١) ومماطلات الأيام ، وكنت قد بوبت ما خرج من ذلك أبوابا ، وفصلته فصولا ، فجاء فى آخرها فصل يتضمن محاسن ما نقل عنه عليه السلام من الكلام القصير فى الحكم والأمثال والآداب ، دون الخطب الطويلة ، والكتب المبسوطة. فاستحسن جماعة من الأصدقاء والإخوان ما اشتمل عليه الفصل المقدم ذكره معجبين ببدائعه ، ومتعجبين من نواصعه (٢) وسألونى عند ذلك أن أبدأ بتأليف كتاب يحتوى على مختار كلام مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فى جميع فنونه ، ومتشعبات غصونه : من خطب ، وكتب ، ومواعظ ، وآداب. علما أن ذلك يتضمن من عجائب البلاغة ، وغرائب الفصاحة ، وجواهر العربية ، وثواقب الكلم الدينية والدنيوية ، ما لا يوجد مجتمعا فى كلام (٣) ولا مجموع الأطراف فى كتاب ، إذ كان أمير المؤمنين عليه السلام مشرع الفصاحة وموردها (٤) ومنشأ البلاغة ومولدها ، ومنه عليه السلام ظهر مكنونها ، وعنه أخذت قوانينها ، وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب (٥) ، وبكلامه
__________________
(١) محاجزات الزمان : ممانعاته. ومماطلات الأيام : مدافعاتها
(٢) النواصع : الخالصة ، وناصع كل شىء خالصه.
(٣) الثواقب : المضيئة ، ومنه الشهاب الثاقب. ومن الكلم ما يضىء لسامعها طريق الوصول إلى ما دلت عليه فيهتدى بها إليه.
(٤) المشرع : تذكير المشرعة. مورد الشاربة كالشريعة
(٥) حذا كل قائل : اقتفى واتبع