وألحقنى بمن هو أحقّ بى منكم : قوم ، واللّه ، ميامين الرّأى (١) مراجيح الحلم مقاويل بالحقّ ، متاريك للبغى ، مضوا قدما (٢) على الطّريقة ، وأوجفوا على المحجّة (٣) فظفروا بالعقبى الدّائمة ، والكرامة الباردة (٤) أما واللّه ليسلّطنّ عليكم غلام ثقيف الذّيّال الميّال (٥) : يأكل خضرتكم ، ويذيب شحمتكم إيه أبا وذحة! قال الشريف : أقول : الوذحة : الخنفساء ، وهذا القول يومىء به إلى الحجاج ، وله مع الوذحة حديث (٦) ليس هذا موضوع ذكره
__________________
(١) ميامين : جمع ميمون ، وهو المبارك ، و «مراجيح» : أى : حلماء من «رجح» إذا ثقل ومال بغيره ، والمراد الرزانة ، أى : رزناء الحلم ـ بكسر الحاء ـ وهو العقل ، ومقاويل : جمع مقوال ، وهو من يحسن القول ، ومتاريك : جمع متراك ، وهو المبالغ فى الترك
(٢) القدم ـ بضمتين ـ : المضى إلى أمام ، أى : سابقين
(٣) الوجيف : ضرب من سير الخيل والابل ، وأوجف خيله : سيرها بهذا النوع ، أى : أسرعوا على الطريق المستقيمة
(٤) من قولهم : «عيش بارد» أى : هنىء ويقال «غنيمة باردة ، وكرامة باردة» إذا كانت قد أخذت بغير حرب ولا عسف ، وذلك ان المأخوذ بالحرب حار فى المعنى ، لما يلاقيه كاسبه من العناء فى تحصيله.
(٥) الذيال : الطويل القد ، الطويل الذيل ، المتبختر فى مشيته ، وأصله من «ذال» إذا تبختر وجر ذيله على الأرض تيها وعجبا ، وجر الذيول من أعمال المتكبرين ، و «الميال» : الجائر الظالم العادل عن طريق الحق والعدل ، و «يأكل خضرتكم» يستأصل أموالكم ، و «يذيب شحمتكم» مثله ، وكلتا الجملتين استعارة ...
(٦) قالوا : إن الحجاج رأى خنفساء تدب إلى مصلاه فطردها ، فعادت ، ثم طردها فعادت ، فأخذها بيده فلسعته ، فورمت يده ، وأخذته حمى من اللسعة فأهلكته ، قتله اللّه بأضعف مخلوقاته وأهونها ، وأصل الوذح : ما يتعلق بأذناب الشاة من أبعارها فيجف ، وسميت الخنفساء وذحة على التشبيه بالبعرة