اللّهمّ قد ملّت أطبّاء هذا الدّاء الدّوىّ (١) وكلّت النّزعة بأشطان الرّكىّ (٢) أين القوم الّذين دعوا إلى الإسلام فقبلوه؟ وقرأوا القرآن فأحكموه ، وهيّجوا إلى القتال فولهوا وله اللّقاح إلى أولادها (٣) وسلبوا السّيوف أغمادها وأخذوا بأطراف الأرض زحفا زحفا وصفّا صفّا؟ بعض هلك وبعض نجا! لا يبشّرون بالأحياء (٤) ولا يعزّون بالموتى ، مره العيون من البكاء (٥) خمص البطون (٦) من الصّيام ، ذبّل الشّفاه من الدّعاء (٧) صفر الألوان من السّهر ، على وجوههم غبرة الخاشعين ، أولئك إخوانى الذّاهبون ، فحقّ لنا أن نظمأ
__________________
الشوكة بالشوكة فان ضلعها معها» يضرب للرجل يخاصم آخر ، ويستعين عليه بمن هو من قرابته ، أو أهل مشربه ، ونقش الشوكة : إخراجها من العضو تدخل فيه ومعنى المثل : لا تستخرج الشوكة الناشبة فى رجلك بشوكة مثلها ، فان إحداهما فى القوة والضعف كالأخرى : فكما أن الأولى انكسرت لما وطئتها فدخلت فى لحمك ، فالثانية إذا حاولت استخراج الأولى بها تنكسر وتلج فى لحمك
(١) الدوى ـ بفتح فكسر ـ المؤلم الشديد
(٢) كلت : ضعفت ، والنزعة : جمع نازع ، وهو الذى يستقى الماء ، والأشطان : جمع شطن ، وهو الحبل ، والركى : جمع ركية ، وهى البئر ، أى : ضعفت قوة النازعين لمياه المعونة من آبار هذه الهمم الغائضة الغائرة
(٣) اللقاح : جمع لقوح ، وهى الناقة ، و «ولهها إلى أولادها» فزعها إليها إذا فارقتها
(٤) إذا قيل لهم : نجا فلان فبقى حيا لا يفرحون ، لأن أفضل الحياة عندهم الموت فى سبيل الحق ، ولا يحزنون إذا قيل لهم : مات فلان ، فان الموت عندهم حياة السعادة الأبدية
(٥) مره ـ بضم فسكون ـ جمع أمره ، من «مرهت عينه» إذا فسدت ، أو ابيضت حماليقها
(٦) خمص البطون : ضوامرها
(٧) ذبلت شفته : جفت ويبست لذهاب الريق