بطنته (١) فما راعنى إلاّ والنّاس كعرف الضّبع إلىّ (٢) ينثالون علىّ من كلّ جانب ، حتّى لقد وطىء الحسنان ، وشقّ عطفاى ، مجتمعين حولى كربيضة الغنم (٣) فلمّا نهضت بالأمر نكثت طائفة ، ومرقت أخرى ، وقسط آخرون (٤) كأنّهم لم يسمعوا كلام اللّه حيث يقول : «تِلْكَ اَلدّٰارُ اَلْآخِرَةُ نَجْعَلُهٰا لِلَّذِينَ لاٰ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي اَلْأَرْضِ وَلاٰ فَسٰاداً وَاَلْعٰاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» بلى! واللّه لقد سمعوها ووعوها ، ولكنّهم حليت الدّنيا فى أعينهم (٥) وراقهم زبرجها ، أما والّذى فلق الحبّة ، وبرأ النّسمة (٦) لو لا حضور الحاضر (٧)
__________________
(١) البطنة ـ بالكسر ـ البطر والأشر والكظة (أى : التخمة والاسراف فى الشبع) ، وكبت به : من كبا الجواد إذا سقط لوجهه
(٢) عرف الضبع : ما كثر على عنقها من الشعر ، وهو ثخين ، يضرب به المثل فى الكثرة والازدحام. وينثالون : يتتابعون مزدحمين ، والحسنان : ولداه الحسن والحسين وشق عطفاه : خدش جانباه من الاصطكاك. وفى رواية «شق عطافى» والعطاف الرداء. وكان هذا الازدحام لأجل البيعة على الخلافة.
(٣) ربيضة الغنم : الطائفة الرابضة من الغنم ، يصف ازدحامهم حوله وجثومهم بين يديه.
(٤) الناكثة : أصحاب الجمل ، والمارقة : أصحاب النهروان. والقاسطون ـ أى الجائرون ـ أصحاب صفين.
(٥) حليت الدنيا : من حليت المرأة إذا تزينت بحليها. والزبرج : الزينة من وشى أو جوهر.
(٦) النسمة ـ محركة ـ الروح ، وبرأها : خلقها.
(٧) من حضر لبيعته ، ولزوم البيعة لذمة الامام بحضوره