أشرفت باطّلاع ، ألا وإنّ اليوم المضمار (١) وغدا السّباق ، والسّبقة الجنّة (٢) والغاية النّار ، أفلا تائب من خطيئته قبل منيّته؟ ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه (٣)؟ ألا وإنّكم فى أيّام أمل (٤) من ورائه أجل ، فمن عمل فى أيّام أمله قبل حضور أجله نفعه عمله ، ولم يضرره أجله ، ومن قصّر فى أيّام أمله قبل حضور أجله فقد خسر عمله وضرّه أجله ، ألا فاعملوا فى الرّغبة كما تعملون فى الرّهبة (٥) ، ألا وإنّى لم أر كالجنّة نام طالبها ، ولا كالنّار نام هاربها (٦) ،
__________________
(١) المضمار : الموضع والزمن الذى تضمر فيه الخيل ، وتضمير الخيل أن تربط ويكثر علفها وماؤها حتى تسمن ، ثم يقال علفها وماؤها وتجرى فى الميدان حتى تهزل. وقد يطلق التضمير على العمل الأول أو الثانى ، وإطلاقه على الأول لأنه مقدمة للثانى ، وإلا فحقيقة التضمير : إحداث الضمور ، وهو الهزال وخفة اللحم ، وإنما يفعل ذلك بالخيل لتخف فى الجرى يوم السباق ، كما أننا نعمل اليوم فى الدنيا للحصول على السعادة فى الأخرى
(٢) السبقة ـ بالتحريك ـ الغاية التى يجب على السابق أن يصل إليها وبالفتح المرة من السبق. والشريف رواها فى كلام الامام بالتحريك أو الفتح وفسرها بالغاية المحبوبة ، أو المرة من السبق. وهو مطلوب لهذا ، وروى الضم بصيغة رواية أخرى. ومن معانى السبقة ـ بالتحريك ـ الرهن الذى يوضع من المتراهنين فى السباق ، أى : الجعل الذى يأخذه السابق. إلا أن الشريف فسرها بما تقدم
(٣) البؤس بالضم : اشتداد الحاجة ، وسوء الحالة ، ويوم البؤس : يوم الجزاء مع الفقر من الأعمال الصالحة ، والعامل له هو الذى يعمل الصالح لينجو من البؤس فى ذلك اليوم
(٤) يريد الأمل فى البقاء واستمرار الحياة.
(٥) الرهبة ـ بالفتح ـ هى مصدر رهب الرجل ـ من باب علم ـ رهبا ، بالفتح وبالتحريك ورهبانا ـ بالتحريك وبالضم ـ ومعناه : خاف ، أى : اعملوا للّه فى السراء كما تعملون له فى الضراء لا تصرفكم النعم عن خشيته والخوف منه
(٦) من أعجب العجائب الذى لم ير له مثيل أن ينام طالب الجنة فى عظمها