التّصديق به توحيده ، وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفى الصّفات عنه ، لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف ، وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصّفة : فمن وصف اللّه سبحانه فقد قرنه ، ومن قرنه فقد ثنّاه ، ومن ثنّاه فقد جزّأه ، ومن جزّأه فقد جهله (١) ومن جهله فقد أشار إليه ، ومن أشار إليه فقد حدّه (٢) ، ومن حدّه فقد عدّه ، ومن قال «فيم؟» فقد ضمّنه ،
__________________
، بدون تنزيه ، وهى معرفة ناقصة ، وكمالها التصديق به ذاته : بصفته الخاصة التى لا يشركه فيها غيره ، وهى وجوب الوجود ، ولا يكمل هذا التصديق حتى يكون معه لازمه وهو التوحيد ، لأن الواجب لا يتعدد كما عرف فى فن الالهيات والكلام ولا يكمل التوحيد إلا بتمحيض السر له دون ملامحة لشىء من شؤون الحوادث فى التوجه إليه واستشراق نوره. ولا يكون هذا الاخلاص كاملا حتى يكون معه نفى الصفات الظاهرة فى التعينات المشهودة فى المشخصات ، لأن معرفة الذات الأقدس فى نحو تلك الصفات اعتبار للذات ولشىء آخر مغاير لها معها ، فيكون قد عرف مسمى اللّه مؤلفا لا متوحدا ، فالصفات المنفية بالاخلاص صفات المصنوعين ، وإلا فللامام على كلام قد ملئ بصفاته سبحانه ، بل هو فى هذا الكلام يصفه أكمل الوصف
(١) جهله : أى : جهل أنه منزه عن مشابهة الماديات ، مقدس عن مضارعة المركبات ، وهذا الجهل يستلزم القول بالشخص الجسمانى ، وهو يستلزم صحة الاشارة إليه ، تعالى اللّه عن ذلك.
(٢) إنما تشير إلى شىء إذا كان منك فى جهة ، فأنت تتوجه إليها باشارتك وما كان فى جهة فهو منقطع عن غيرها ، فيكون محدودا ـ أى : له طرف ينتهى إليه ـ فمن أشار إليه فقد حده ، ومن حد فقد عد ـ أى : أحصى وأحاط بذلك المحدود ـ لأن الحد حاصر لمحدوده. وإذا قلت لشىء «فيم هو» فقد جعلته فى ضمن شىء ، ثم تسأل عن تعيين ذلك الذى تضمنه. وإذا قلت «على أى شىء» فأنت ترى انه مستعل على شىء بعينه وما عداه خال منه