ومن قال «علام؟» فقد أخلى منه. كائن لا عن حدث (١) موجود لا عن عدم ، مع كلّ شىء لا بمقارنة ، وغير كلّ شىء لا بمزايلة (٢) فاعل لا بمعنى الحركات والآلة ، بصير إذ لا منظور إليه من خلقه (٣) متوحّد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده (٤) أنشأ الخلق إنشاء ، وابتدأه ابتداء ، بلا رويّة أجالها (٥) ولا تجربة استفادها ، ولا حركة أحدثها ، ولا همامة نفس اضطرب فيها (٦) أحال الأشياء لأوقاتها (٧) ولأم بين مختلفاتها (٨) وغرّز
__________________
(١) الحدث : الابداء ، أى : هو موجود لكن لا عن إبداء وإيجاد موجد. والفقرة الثانية لازمة لهذه ، لأنه إن لم يكن وجوده عن إيجاد موجد فهو غير مسبوق الوجود بالعدم.
(٢) المزايلة : المفارقة والمباينة.
(٣) أى : بصير بخلقه قبل وجودهم.
(٤) العادة والعرف على انه لا يقال «متوحد» إلا لمن كان له من يستأنس بقربه ويستوحش لبعده ، فانفرد عنه. واللّه متوحد مع التنزه عن السكن.
(٥) الروية : الفكر ، وأجالها : أدارها ورددها. وفى نسخة : أحالها ـ بالمهملة ـ أي : صرفها.
(٦) همامة النفس ـ بفتح الهاء ـ : اهتمامها بالأمر ، وقصدها إليه.
(٧) حولها من العدم إلى الوجود فى أوقاتها ، أو هو من «حال فى متن فرسه» أى : وثب. وأحاله غيره : أوثبه. ومن أقر الأشياء فى أحيانها صار كمن أحال غيره على فرسه.
(٨) كما قرن النفس الروحانية بالجسد المادى