فالتّأكيد دليل على أنّ السّؤال عن السّبب الخاصّ ، فإنّ الجواب عن مطلق السّبب لا يؤكّد (١) [وهذا الضّرب (٢) يقتضي تأكيد الحكم (٣)] الّذي هو في الجملة الثّانية ، أعني الجواب ، لأنّ السّائل متردّد في هذا السّبب الخاصّ هل هو سبب الحكم أم لا.
[كما مرّ (٤)] في أحوال الإسناد الخبريّ ، من أنّ المخاطب إذا كان طالبا متردّدا حسن تقوية الحكم بمؤكّد (٥) ، ولا يخفى (٦) أنّ المراد الاقتضاء استحسانا لا وجوبا والمستحسن في باب البلاغة بمنزلة الواجب (٧).
________________________________________
(١) لأنّه تصوّر لا تصديق حتّى يمكن تأكيده كما ذكرنا.
(٢) أي هذا النّوع الثّاني من السّؤال ، وهو السّؤال عن سبب خاص للحكم الكائن في الجملة الأولى ، أو المراد هذا الضّرب من الاستئناف من حيث السّؤال يقتضي تأكيد الحكم.
(٣) أي الحكم الكائن في الجملة الثّانية الّتي هي جواب عن السّؤال المقدّر التّصديقيّ ، أي قيد تردّد في النّسبة بعد تصوّر الطّرفين ، فتكون الجملة الثّانية مؤكّدة للنّسبة.
(٤) الكاف تعليليّة ، أي بسبب ما مرّ في أحوال الإسناد الخبريّ.
(٥) أي بمؤكّد واحد أو أكثر كما في الآية المباركة.
(٦) هذا الكلام من الشّارح دفع لتوهّم.
توضيح التّوهّم : إنّ الشّارح يقول بحسن تقوية الحكم بمؤكّد ، وهذا ينافي كلام المصنّف حيث قال : وهذا الضّرب يقتضي تأكيد الحكم ، وهذا التّعبير من المصنّف ظاهر في وجوب التّأكيد ، فيتحقّق التّنافي بين الكلامين.
وحاصل الدّفع : إنّ المراد من الاقتضاء هو الاقتضاء على سبيل الاستحسان لا على سبيل الوجوب ، فلا يكون تعبير المصنّف ب «يقتضي» منافيا لتعبير الشّارح بالحسن.
أو يقال : إنّ المستحسن في باب البلاغة بمنزلة الواجب في طلب مراعاته ، والإتيان به ، وحينئذ فيكون التّعبير ب «يقتضي» مناسبا للتّعبير بالحسن.
(٧) ولهذا عبّر المصنّف بالاقتضاء ، لأنّ المستحسن هنا بمنزلة الواجب في طلب مراعاته والإتيان به.