ولا يخفى أنّ الإثبات في الجملة (١) إنّما ينافيه النّفي دائما ، [وتحقيقه] أي تحقيق هذا الكلام (٢) [أنّ استمرار العدم (٣) لا يفتقر إلى سبب بخلاف استمرار الوجود (٤)] ، يعني أنّ بقاء الحادث ، وهو (٥) استمرار وجوده يحتاج إلى سبب موجود ، لأنّه (٦) وجود عقيب وجود ، ولا بدّ للوجود الحادث من السّبب (٧) ، بخلاف استمرار العدم فإنّه عدم ، فلا يحتاج إلى وجود سبب (٨) ،
________________________________________
(١) أي في جزء من أجزاء الزّمان الماضي مثلا «إنّما ينافيه النّفي دائما» أي في جميع أجزاء الزّمان الماضي ، فالإثبات في بعض الأزمنة لا يكون كاذبا إلّا إذا صدق النّفي في جميع الأزمنة ، ولذا تراهم يقولون : إنّ نقيض الموجبة الجزئيّة إنّما هو السّالبة الكلّيّة إذ لو كان النّفي كالإثبات مقيّدا بجزء من أجزاء الزّمان لم يتحقّق التّناقض لجواز تغاير الجزأين ، فاكتفوا في الإثبات بوقوعه ولو مرّة ، وقصدوا في النّفي الاستغراق ، ولم يعكسوا ذلك لسهولة استمرار التّرك وصعوبة استمرار الفعل.
(٢) أي إنّ الأصل في النّفي بعد تحقّقه استمراره ، بخلاف الإثبات ، والمراد بالتّحقيق هو البيان على الوجه الحقّ.
(٣) أي استمرار العدم الّذي من جملة أفراده مفاد الماضي المنفي «لا يفتقر إلى سبب» أي لا يفتقر إلى سبب موجود مؤثّر ، بل يكفي فيه انتفاء سبب الوجود ، ولما كان لا يفتقر إلى وجود سبب سهل فيه استصحاب الاستمرار المؤدّي للمقارنة.
(٤) أي فإنّ استمرار الوجود يفتقر إلى وجود سبب مؤثّر لأجل أن يجدّد ذلك الوجود بذلك السّبب ، ثمّ إنّ من جملة أفراد استمرار الوجود استمرار وجود مفاد الماضي المثبت ، فلذا لم يستصحب فيه الاستمرار.
(٥) أي بقاء الحادث استمرار وجود ذلك الحادث فضمير «وجوده» يعود إلى الحادث.
(٦) أي استمرار وجود الحادث.
(٧) أي من السّبب الموجود ، لأنّ الممكن كما أنّه محتاج في حدوثه إلى موجد كذلك في بقائه.
(٨) أي فلا يحتاج العدم إلى سبب موجود مؤثّر.