المراد بما ذكر متعارف الأوساط وهو (١) غلط لا يخفى على من له قلب (٢) أو ألقى (٣) السّمع وهو شهيد ، يعني (٤) كما أنّ الكلام يوصف بالإيجاز لكونه أقلّ من المتعارف كذلك يوصف به (٥) لكونه أقلّ ممّا يقتضيه المقام بحسب الظّاهر (٦) وإنّما قلنا بحسب الظّاهر لأنّه لو كان أقلّ ممّا يقتضيه المقام ظاهرا وتحقيقا (٧) لم يكن في شيء من البلاغة (٨)
________________________________________
ويلزم على هذا القول أنّ ما كان أقلّ من المتعارف أو مساويا له ، وقد اقتضاه المقام لا يكون الأقلّ منه إيجازا ، مع أنّه إيجاز ، ومن يريد بسط الكلام في هذا المقام فعليه الرّجوع إلى الكتب المبسوطة.
(١) أي ما توهّمه الخلخالي غلط ، لأنّه يلزم على هذا القول أن يكون قول المصنّف ممّا ذكر إظهارا في محلّ الإضمار ، إذ المناسب بأبسط منه ، ولأنّه يكون قاصرا عن بيان المعنيين للإيجاز ، أحدها كون الكلام أقلّ من عبارة المتعارف ، والثّاني كونه أقلّ ممّا هو مقتضى ظاهر المقام على ما بيّنه بقوله «يعني كما أنّ الكلام ...».
(٢) أي عقل كامل صاف عن كدران الوهم ، وشوائب التّقصير في الفهم ، بحيث لا يحتاج في الإدراك والفهم إلى السّمع والإصغاء.
(٣) أي أو يحتاج إلى السّمع والإصغاء إليه وهو شهيد ، أي حاضر القلب غير غافل عمّا ذكره.
(٤) تفسير لتعريف السّكّاكي ، وفيه إشارة إلى بيان الغلط الواقع في كلام الشّارح الخلخالي كما عرفت.
(٥) أي بالإيجاز.
(٦) أي بحسب ظاهر المقام لا بحسب باطنه ، لأنّ باطن المقام يقتضي الاقتصار على ما ذكر ، لأنّه إنّما عدل عمّا يقتضيه الظّاهر لغرض ، كالتّنبيه على قصور العبارة مثلا ، فلذا كان ما هو أقلّ ممّا يقتضيه المقام بحسب الظّاهر بليغا.
(٧) أي وباطنا ، وقوله : «ظاهرا وتحقيقا» منصوب على التّمييز المحوّل عن الفاعل ، أي لأنّه لو كان أقلّ ممّا يقتضيه ظاهر المقام وباطنه لم يكن في شيء من البلاغة.
(٨) أي لعدم مطابقته لمقتضى المقام ظاهرا وباطنا ، وإذا لم يكن في شيء من البلاغة فكيف يوصف بالإيجاز الّذي هو وصف الكلام البليغ؟! أي فلا يوصف بالإيجاز.