مثاله (١) قوله تعالى : (٢) (تَقِيًّا (١٣) وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ وَلَمْ)(١) (٣)] الآية ، فإنّه (٤) إطناب بالنّسبة إلى المتعارف أعني قولنا : يا ربّ شخت ، وإيجاز بالنّسبة إلى مقتضى المقام ظاهرا ، لأنّه (٥) مقام بيان انقراض الشّباب وإلمام (٦) المشيب فينبغي أن يبسط فيه (٧) الكلام غاية البسط فللإيجاز (٨) معنيان ،
________________________________________
(١) أي مثال الموجز المفهوم من الإيجاز الرّاجع إلى كون الكلام أقلّ ممّا يقتضيه المقام بحسب الظّاهر.
(٢) أي حكاية عن زكريّا.
(٣) والشّاهد في الآية كونها أقلّ ممّا يقتضيه المقام ، لأنّ المقام يقتضي بسط الكلام كما يأتي من الشّارح توضيح ذلك.
(٤) أي قوله تعالى.
(٥) أي المقام مقام بيان انتهاء الشّباب.
(٦) أي نزول المشيب فهو من عطف اللّازم على الملزوم.
(٧) أي المقام ، أي لكون المقام مقام التّشكّي ممّا ذكر ، ينبغي فيه بسط الكلام غاية البسط بناء على الظّاهر ، كأن يقال : وهن عظم اليد والرّجل ، وضعفت جارحة العين ، ولانت حدّة الأذن ، وهكذا ، ثمّ المراد بالمقام هو مقام التّشكّي إلى الله سبحانه ، فلذا جدير ظاهرا بأن يبسط فيه الكلام ، وأمّا بحسب الباطن فما ذكره هو المناسب للمقام لعدم فرصة إلى أزيد منه ، أو عدم كون الزّائد مناسبا لرعاية الأدب.
(٨) أي إذا عرفت ما ذكرناه من أنّ المنسوب إليه في الإيجاز تارة بجعل المتعارف ، وأخرى بجعل مقتضى المقام بحسب الظّاهر ، فللإيجاز الّذي هو الاختصار عند السّكّاكي معنيان ، هما كون الكلام أقلّ من المتعارف ، وكونه أقلّ ممّا يقتضيه المقام بحسب الظّاهر ، ويلزم من كون الإيجاز له معنيان أن يكون الإطناب كذلك ، لكنّه ترك ذلك لانسياق الذّهن ممّا ذكره في الإيجاز.
__________________
(١) سورة مريم : ٤.