بينهما (١) عموم من وجه [وفيه (٢) نظر ، لأنّ كون الشّيء نسبيّا لا يقتضي تعسّر تحقيق (٣) معناه] إذ كثيرا ما تحقّق (٤) معاني الأمور النّسبيّة ،
________________________________________
(١) أي بين المعنيين عموم وخصوص من وجه ، فإنّ الأوّل عامّ من جهة عدم تقييده بكونه أقلّ ممّا يقتضيه المقام ، وخاصّ من جهة تقييده بأن يكون أقلّ من متعارف الأوساط ، والثّاني عامّ من جهة عدم تقييده بأن يكون أقلّ من متعارف الأوساط ، وخاصّ من جهة كونه مقيّدا بأن يكون أقلّ ممّا يقتضيه المقام ، فيجتمعان في نحو : ربّ شخت ، لكونه أقلّ من عبارة المتعارف ومقتضى المقام جميعا ، وينفرد الأوّل في نحو قول الصّيّاد : غزال ، عند خوف فوات الفرصة ، وينفرد الثّاني في نحو : يا ربّ شخت.
وبعبارة واضحة إنّهما يتصادقان فيما إذا كان الكلام أقلّ من عبارة المتعارف ، ومن مقتضى المقام جميعا ، كما إذا قيل : ربّ شخت ، بحذف حرف النّداء ، وياء الإضافة ، فإنّه أقلّ من مقتضى الحال ، لاقتضائه أبسط منه ، لكونه مقام التّشكّي من إلمام الشّيب ، وانقراض الشّباب ، وأقلّ من عبارة المتعارف أيضا ، وهي يا ربّي شخت ، بزيادة حرف النّداء وياء الإضافة ، وينفرد المعنى الأوّل في قوله : إذا قال الجيش : نعم ، بحذف المبتدأ ، فإنّه أقلّ من عبارة المتعارف ، وهي هذه نعم فاغتنموها ، وليس بأقلّ من مقتضى المقام ، لأنّ المقام لضيقه يقتضي حذف المبتدأ ، وكما مرّ في نحو قولك للصّيّاد : غزال ، عند خوف فوات الفرصة ، فإنّه أقلّ من المتعارف ، وهو هذا غزال ، وليس بأقلّ ممّا يقتضيه المقام ، لأنّه يقتضي هذا الاختصار ، وينفرد المعنى الثّاني في قوله تعالى : (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي)(١) ، فإنّ المقام يقتضي أكثر منه ، كما مرّ والمتعارف أقلّ منه كما لا يخفى.
(٢) أي فيما ذكره السّكّاكي من أنّ الإيجاز والإطناب لكونهما نسبيّين لا يتيسّر الكلام فيهما إلّا بترك التّحقيق نظر.
(٣) أي تحقيق مفهومه ، وتعريفه بما يميّزه عمّا عداه ، والحاصل إنّ المتبادر من كلام السّكّاكي أنّ كون الشّيء نسبيّا يقتضي تعسّر بيان معناه بالتّعريف ، وفيه نظر ، لأنّ كون الشّيء نسبيّا لا يقتضي تعسّر بيان معناه بالتّعريف.
(٤) مضارع مبنى للمفعول.
__________________
(١) سورة مريم : ٤.