لاختلاف (١) طبقاتهم (٢) ولا يعرّف (٣) أنّ كلّ مقام ، أيّ مقدار يقتضي من البسط حتّى يقاس عليه (٤) ويرجع إليه والجواب أنّ (٥) الألفاظ قوالب المعاني ، والأوساط الّذين لا يقدّرون في تأدية المعاني على اختلاف العبارات والتّصرف في لطائف الاعتبارات
________________________________________
(١) علّة لقوله لا تعرّف ، أي لا تعرّف ذلك ، لاختلاف مراتب الأوساط ، فمنهم من يعبّر عن المقصود بعبارة قصيرة ، ومنهم من يعبّر عنه بعبارة طويلة.
(٢) أي درجاتهم ومراتبهم.
(٣) عطف على قوله : «إذ لا تعرّف» ، وهذا بيان لكون البناء على البسط فيه ردّ للجهالة ، وحاصله إنّ كون المقام يقتضي كذا وكذا ، لا أقلّ ولا أكثر ، ممّا لا ينضبط فلا يكاد يعرف لتفاوت المقامات كثيرا ، ومقتضياتها مع دقّتها ، فقوله : «لا يعرّف أنّ كلّ مقام أيّ مقدار ...» ، أي ولا يعرّف جواب أنّ كلّ مقام ، والمراد بالمعرفة المنفيّة هنا ، وفيما مرّ المعرفة التصوّريّة ، وقوله : «أيّ مقدار» مفعول مقدّم ل «يقتضي» ، وقوله : «من البسط» أي من ذي البسط ، وأصل التّركيب ولا يعرف جواب أنّ كلّ مقام يقتضي ، أيّ مقدار من الكلام المبسوط حتّى يقاس عليه ، فيحكم بأنّ المذكور أقلّ منه أو أكثر ، وهذا غاية للمنفيّ ، وهو المعرفة من قوله : «ولا يعرّف».
(٤) أي يقاس على القدر الّذي يقتضيه المقام ، وقوله : «ويرجع إليه» عطف تفسير على قوله : «ويقاس عليه».
(٥) هذا جواب عن الأوّل ، أعني البناء على المتعارف ، ويأتي عن الثّاني ، أعني البناء على البسط ، وحاصل الجواب عن الأوّل أنّا لا نسلّم أنّ المتعارف غير معروف ، بل يعرفه كلّ واحد من البلغاء وغيرهم ، وذلك لأنّ الألفاظ قوالب المعاني فهي على قدرها بحسب الوضع ، بمعنى أنّ كلّ لفظ بقدر معناه الموضوع له ، فمن عرف وضع الألفاظ ولو كان عاميّا عرف ، أي معنى يفرغ في ذلك القالب من اللّفظ ، ضرورة أنّ المعنى الّذي يكون على قدر اللّفظ هو ما وضع له مطابقة ، فإذا أراد تأدية المعنى الّذي قصده عبّر عنه باللّفظ الموضوع له من غير زيادة ولا نقص.
فالتّصرف في العبارة بما يوجب طولها وقصرها من اللطّائف والدّقائق الزّائدة على أصل الوضع ، شأن البلغاء والمحقّقين ، ولا يتوقّف متعارف الأوساط ، واستعماله على ذلك ،