هو جهل [بها] أي بالظّلمة [ولزم بطريق العكس (١)] إذا أريد التّشبيه [أنّ تشبّه السّنّة (٢) وكلّ ما هو علم بالنّور] لأنّ السّنّة والعلم يقابل البدعة والجهل ، كما أنّ النّور يقابل الظّلمة [وشاع ذلك] أي كون السّنّة والعلم كالنّور ، والبدعة والجهل كالظّلمة (٣) [حتّى تخيّل أنّ الثّاني] أي السّنّة ، وكلّ ما هو علم [ممّا له بياض وإشراق نحو (٤) : أتيتكم بالحنفيّة البيضاء ، والأوّل (٥) على خلاف ذلك] أي وتخيّل أنّ البدعة ، وكلّ ما هو جهل ممّا له سواد وإظلام (٦) [كقولك (٧) : شاهدت سواد الكفر من جبين فلان (٨)
________________________________________
(١) إضافة طريق إلى العكس بيانيّة ، أي بالطّريقة الّتي هي مراعاة المقابلة والضّديّة ، فقوله : بطريق العكس ، أي المقابلة والمخالفة الضّديّة.
(٢) أي أن تشبّه السّنّة المقابلة للبدعة «وكلّ ما هو علم» المقابل لكلّ ما هو جهل «بالنّور» لأنّ السّنّة تجعل صاحبها كمن يمشي في النّور فيهتدي إلى الطّريق ، ويأمن من المكروه ، أي من الوقوع في مهلكة.
(٣) أي شاع في العرف تشبيه البدعة بالظّلمة ، وتشبيه السّنّة ونحوها بالنّور حتّى تخيّل بسبب شيوعه إلى كثرة خطوره بالبال ، وكثرة وروده في المقال أنّ القسم الثّاني ، أي السّنّة ، وكلّ ما هو علم ممّا له بياض وإشراق ، والقسم الأوّل ، أي البدعة وكلّ ما هو جهل ممّا له سواد وإظلام.
(٤) أي نحو قول النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أتيتكم بالحنفيّة البيضاء ، حيث وصف صلىاللهعليهوآلهوسلم الشّريعة الإسلاميّة بالبياض ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الحنفيّة صفة لموصوف مقدّر ، أي الملّة أو الشّريعة الحنفيّة ، والحنفيّة نسبة إلى الحنيف ، وهو المائل عن كلّ دين سوى الدّين الحق ، وعنى به إبراهيم عليهالسلام.
(٥) أي البدعة ، فإنّها الأوّل في كلام المصنّف ، كما أنّ السّنّة هي الثّاني في كلامه وإن كان الأمر في كلام الشّاعر على العكس.
(٦) أي ظلمة.
(٧) هذا تنظير فيما يخيّل أنّ الشّيء ممّا له سواد ، والحال أنّه ليس كذلك ، كما أنّ قوله عليهالسلام كان تنظيرا فيما يخيّل أنّ الشّيء ممّا له بياض ، والحال أنّه ليس كذلك.
(٨) الجبين ما بين العين والأذن إلى جهة الرّأس ، ولكلّ إنسان جبينان يكتنفان الجبهة ووصف الجبين بشهود سواد الكفر منه مع أنّ المراد شهوده من الإنسان ، لأنّ الجبين يظهر